ماهيّة مشاركة الأردن في مكافحة الإرهاب
أ.د. أمين مشاقبة
08-09-2014 04:01 PM
بدأ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وحلف الناتو بالتشكّل؛ للقضاء على «الدولة الإسلامية» داعش كمنظمة إرهابية، قامت بجرائم حرب وإبادة جماعية، وممارسات خارجة بالمطلق عن القيم الإسلامية النبيلة، فهذا ليس هو الإسلام، وأن جماعة كتلك تخطف الإسلام وتتحدث باسمه أمر غير مقبول، ولا يمكن السكوت عنه، فهي تسيء للإسلام والمسلمين بشكل فاضح، وتعطي صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين في العالم.
إنّ دين المحبة والسلام والتسامح والإخاء، والعدالة والمساواة لا يجوز لمثل هذه الفئة الخارجة أن تتحدث باسمه أو تمثله؛ لأنه ليس أياً من المسلمين في أصقاع الأرض قد فوضهم أو أعطاهم الرخصة بذلك، وبعد احتلالهم جزءا من العراق وبالذات في المحافظات السنية، تشكّل تحالف دولي للقضاء على هذا التنظيم الظاهرة، بعد مؤتمر ويلز في بريطانيا، وبدأت بعض الدول بتقديم المساعدات العسكرية والتقنية لإقليم كردستان، وأرسلت الولايات المتحدة ما يزيد عن 300 مستشار عسكري محترف؛ لمساعدة الجيش العراقي لمحاربة هذه الفئة الضالة، وإخراجها من العراق. ومن دول التحالف الدولي الأردن، فالأردن منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 أعلن الحرب على الإرهاب، وشكّل قوة متمرسة لهذه الغاية، وقد تعرض الأردن لهجوم إرهابي في الفنادق الثلاث عام 2005، ووقف الشعب الأردني برمته إلى جانب الدولة الأردنية في محاربة الإرهاب، ولا يزال الأردن حكومة وشعباً يرفع لواء مكافحة الإرهاب بكل أشكاله ومراميه، وهذا جزء من المصالح الوطنية العليا في الحفاظ على الأمن والاستقرار، الذي تعيشه الدولة الأردنية على الرغم من حالة الانفجار والانفلات في الدول المحيطة بالأردن جغرافياً، وتداعيات هذا الواقع على الحالة الأردنية من لجوء إنساني من العراق، وسوريا، وفلسطين، وضغط اقتصادي هائل من هذا الكم الكبير من أعداد اللجوء للأراضي الأردنية.
إنّ مشاركة الأردن في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وبالذات في حالة داعش «الدولة الإسلامية»، تتطلب رؤية استراتيجية دقيقة واعتقد أنها موجودة، وباعتقادنا أنها تستند لعدم المواجهة المباشرة، أو إشراك المؤسسة العسكرية مباشرة، لأن الأردن لا يخوض حرب لأحد وليس طرفاً مباشراً في شن هذه الحرب، وربما تقتصر على الإسناد اللوجستي، وتبادل المعلومات الاستخبارية والمشاركة الفعلية في إعداد الخطط قصيرة المدى، وآليات التعامل مع مثل هذه التنظيمات، لأن الأجهزة الأمنية على درجة عالية من الكفاءة والاقتدار، ناهيك عن ضرورة دعم الأردن عسكرياً وتمكينه من أسلحة متطورة وتقنية، وتزويده بأحدث الأسلحة لتلك الغايات، إن المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية ضد هذه الفئة ستجعل الأردن مستهدفاً، والخوف يكمن من الخلايا النائمة والمتعاطفين مع هذا التنظيم، إن مكافحة الإرهاب والبحث عن استقرار المنطقة يتطلب النظر في المشكلات الرئيسية، بدءاً من القضية الفلسطينية وضرورة إيجاد الحل العادل والمنصف للشعب الفلسطيني، إضافة إلى إيلاء الأزمة السورية الاهتمام بالحل السياسي؛ لأن الحل العسكري غير مجدٍ أو فاعل، ويضاف إلى ذلك أهمية استقرار العراق وتطوير النظام القائم ليكون نظاماً محدثاً بعيداً عن الطائفية.