تُعتبر الضرائب من أهم موارد الدولة ، وتعتبر شريان الحياة والحبل السُّري للموازنة العامة التي يقع على عاتقها تحسين مستوى النمو وتحقيق الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية ، وتقديم الخدمات في كافة المجالات الصحية والتعليمية والأمنية والتنموية ، وتعمل الضرائب على إعادة توزيع الثروة والدخول بين شرائح المجتمع ، وتفرضها الدول على الأفراد حسب طاقاتهم ، وتختلف طرق وآليات ونسب التحصيل من دولة إلى أخرى ، وتُدفع الضرائب من الأفراد بلا مقابل ، وتُفرض بالقوة الجبرية ولا تُسترد ولا يحق المطالبة بها وهي مساهمة من دافع الضريبة في الأعباء العامة للدولة ، وليس للحصول على منافع أو خدمات مقابل أدائها .
كما أن من أهم وظائف الضرائب الحفاظ على الاستقرار الإقتصادي والحفاظ على دخل الأفراد لضمان استمرارهم بالدفع طردياً لتمويل زيادة الطلب الحكومي على المشاريع اللازمة لنمو وتطور البلاد ، ومن أهم المبادئ التي يجب أن تتوفر لكي تكون الضريبة إنتاجية للحفاظ على إنتاجية القطاعات الإقتصادية والعدالة ، بمعنى أن يدفع الأشخاص ذوي الدخل المتساوي ضرائب متساوية ، وضمان قدرة المكلف على الدفع والمرونة بحيث ترتفع الضرائب في حالة النمو الإقتصادي لتعمل على الحد من التضخم وتنخفض خلال الكساد الإقتصادي لتوفر الاموال على دافعي الضرائب لصرفها لإعادة السوق إلى حالة التوازن ، فالضريبة أداة من أدوات السياسات المالية والنقدية التي تهدف إلى دعم وتحقيق الاستقرار الإقتصادي وضمان استمرار النمو والتوظيف الكامل لعناصر الانتاج .
سُقتُ هذه المقدمة الطويلة لبيان هل قانون الضريبة المعروض على مجلس النواب يحقق أو يتناسب مع تعريف الضريبة وأهدافها ، أم أن الحكومة بمطبخها الاقتصادي تعمل بعكس الأهداف التي تُفرض الضرائب من أجلها ، فهناك التوقيت!!! فهل الوضع الإقتصادي يسمح بفرض مزيد من الضرائب على دافعيها ؟؟! وهل السوق في حالة رواج يتناسب مع ما تنوي الحكومة فرضه من ضرائب ؟؟! أم أن التوقيت خاطئ يستدعي قانوناً أكثر يُسراً يُشجع الاستثمار وإقامة المشاريع ؟ فهو هجوم حكومي غير مُبرر في توقيت خاطئ يضع مشاريع وطنية كثيرة في مهب الريح رغم الحاجة الماسة لها بما تقدمه من إضافة للإقتصاد الوطني ، كما أنه قطعاً سيمنع إقامة أية مشاريع جديدة يُفكر اصحابها في الدخول إلى السوق ، حيث أن القانون الأكثر قسوة على المستثمرين بين القوانين السائدة في دول المنطقة ، إذا ما أضفنا صُغر حجم السوق والمعوقات الأخرى بإختصار فالقانون جِبائي مُتشدد سيُعمق مشاكل الإقتصاد الأردني ويُفاقمها وهو طارد للاستثمارات القادمة ومُعطل للاستثمارات القائمة ، وهو يعكس ما تُعانيه الحكومات من فوضى وتخبط وعدم نضج وانعدام القدرة على التحليل والتخطيط وإدارة الأزمات والفهم
لوظيفة السياسة الضريبية والتي لم تكن جبايته يوماً بالمفهوم المُطلق خلافاً لوعي الحكومة واجراءاتها ، فهل يُعقل أن يُعدل قانون 3 مرات في أقل من خمس سنوات وهو
ما يتعارض مع ثبات التشريعات الإقتصادية للقانون الأكثر حساسية بينها ، وهل هناك دولة تفرض ضريبة على الصادرات إذا كان العجز في الميزان التجاري يُشكل 40% من الناتج المحلي الإجمالي فيها ، و قد جاء القانون ليُشارك المُتلقي لمكافأة نهاية الخدمة فيما يحصل عليه رغم دفعه للضريبة طيلة فترة الخدمة ، وجاء لمحاباة الدخول المرتفعة للمتقاعدين ليعفي ألـ2500 دينار الأولى من دخل المتقاعد الشهري ويفرضها على دافع الضريبة العامل رغم أن المتقاعد قد أنهى إلتزامه اتجاه تعليم الاولاد والتزامات أخرى كثيرة واستثنى القانون الغرامات التي تُدفع لخزينة الدولة رغم عرفيتها وجزافية التقدير من اعتبارها كلف انتاجية رغم انها تُحصَّل في سبيل هذه الغاية واستمر القانون في تجاوزه على تعريف ضريبة الدخل التي يجب أن تُستوفى على الدخل الفعلي المُتحقق لكي يُحتسب 2% مُقدما ً على بيان الاستيراد لعمليات قد تكون نتائجها خسارة ، فمن يضمن ربح المستورد سلفاً ، وكذا بالنسبة لاعتماد سنوات سابقة في تقدير الدخل الغير مُتحقق ويستمر القانون في عرفيته ليتقاضى ما يصل إلى أكثر من 20% في حال تأخير الدفع من قبل دافع الضريبة وتدفع الحكومة 9% في حال تأخيرها إرجاع الفائض من الضريبة فأين العدالة وكذلك الغرامات التي قد تصل إلى 100% وعقوبة الحبس وخلافه من الاجراءات العرفيه التي ستؤدي إلى عزوف المستثمر الأجنبي وهروب المستثمر الوطني وفي سياق آخر تُبالغ الحكومة في منح الإعفاءات والتسهيلات والمكافأت وتُفرض على نفسها الغرامات وإذا لم تقدم امتيازات لبعض المستثمرين اصحاب الكرامات ممن يرفضون تطبيق القانون الأردني على نصوص الاتفاق ، ويجبرون الحكومة على الذهاب إلى المحاكم في بريطانيا وسويسرا لانخفاض اسعار المحامين والتقاضي هناك .
في الختام المواد من 38-46 في القانون الجديد يجب إعادة النظر في نصوصها وتعديلها حتى لا يتضاعف عجز الموازنة والمديونية بالتبعية نتيجة لانعدام الرؤية لدى الحكومة والقدرة على استشراف الكوارث التي سيرتبها القانون .