الإضراب كأداة لرفض الظلم أو الحصول على حق مشروع أجازه الدستور، ولكن مثل كل الحقوق الدستورية لا بد من قانون ينظم هذا الحق، ويحول دون التعسف في ممارسته وإلحاق الأذى بالمجتمع.
المادة الأولى في قانون تنظيم الإضراب المقترح هي تحريم الإضراب على العاملين في الحكومة لأن ذلك يعني حرمان المجتمع من خدماتهم، وهو الذي يدفع الضرائب ولا يتحمل المزيد منها أو الديون لتلبية المطامع وإذا جاز الإضراب ضد مصلحة خاصة لرب العمل فلا يجوز ضد المصلحة العامة للمجتمع.
بعض الإضرابات ترقى إلى مستوى الجريمة، ويجب أن تعامل على هذا الأساس، وفي المقدمة إضرابات الأطباء والممرضين والمعلمين، فلا فرق من هذه الناحية بين موظف الحكومة المدني وبين موظف الحكومة العسكري أو الأمني.
إضراب الأطباء أو الممرضين قد يؤدي إلى وفاة مريض، وهذه جريمة قتل عمداً ومع سبق الإصرار، ويجب أن تعامل على هذا الأساس.
وإضراب المعلمين اعتداء صارخ على مليون وثمانماية ألف طالب وطالبة، وحرمانهم من حقهم في التعليم، وهو يمثل تعطيلاُ لواحد من أهم أجهزة الدولة مما يقع ضمن اختصاص قانون العقوبات.
هذا لا يعني إلزام موظف بالعمل خلافاً لإراداته، فالعمل في الحكومة ليس مفروضاً على أحد، وكل موظف كان قد قدم طلباً للتوظيف وانتظر دوره في التعيين وربما حرك الواسطة للحصول على الموقع الذي يشغله الآن، وهو يعرف تماماً حقوق وواجبات الوظيفة. وإذا وجد فيما بعد أن العمل لا يناسبه، وأنه يسـتحق أكثر من الراتب الذي يستطيع المجتمع تأمينه له، فعليه أن يبحث عن عمل آخر في القطاع الخاص أو بلدان الاغتراب.
أما أن يتمسك بموقعه ويطالب بتغيير النظام تحت طائلة الإضراب واستعمال الطلبة كرهائن، فهذا نوع سيء من الابتزاز يجب أن لا يسمح له بتحقيق أغراضه.
كادرالموظفين للخدمة المدنية ينطبق على الجميع، وإذا كان مستوى الرواتب والعلاوات متدنياً فهذه هي الحدود التي يسمح بها الوضع المالي، ويعرف الجميع أن الموازنة تشكو من العجز وأن المديونية تتصاعد فكيف يحاول البعض الحصول على علاوات استثنائية.
الإضرابات والاعتصامات التي شهدها الأردن استغلالاً للظروف الصعبة، قامت بها فئات محظوظة تحصل على حقوق اكثر من غيرها.
(الرأي)