الجيش والأمن العام : معادلة الأمن الوطنية الاردنية
د.بكر خازر المجالي
06-09-2014 04:04 PM
نقرأ بين الحين والآخر عن حملة أمنية ينفذها رجال الأمن العام في أماكن مختلفة ، ويكون الهدف أما مطلوب خطير أو مداهمة وكر للمخدرات أو عصابة سرقة سيارات ، أو مستودعات أسلحة وغير ذلك ،في كل مرة نتأمل في قراءة الخبر فنجد ان هناك اشتباكا وإطلاق رصاص وجرحى ووفيات ، ولكن هل يمكن ان نقف عند مثل هذه الأخبار لنراها من زاوية أخرى :
ألا نشعر ان توجه رجال الأمن العام إلى وكر ما إنما هو توجه إلى معركة ومواجهة عسكرية مع إرهابيين ؟
ألا ندرك ان هذا النوع من العمليات هي معارك من أجل الدفاع عن المجتمع مثلما يؤدي الجيش العربي دوره في الدفاع عن الحدود ؟
ألا نشعر فعلا أننا في بلدنا الأردن نعيش حالة حرب غير معلنة ، فهناك إطلاق نار وتصدي لمتسللين على الواجهة الشمالية بين فترة وأخرى ، وحدثت محاولة أخرى على الحدود العراقية وتم التصدي لها بحزم وقوة ، وهناك حالات التصدي والحملات الأمنية التي لا تخلو في معظمها من الاشتباك بالنار .
وهناك نوع آخر من الحرب الداخلية لدينا وهي حرب الأعصاب والابتزاز المتمثلة ببعض المظاهرات والمهرجانات التي في كل مرة نحبس أنفاسنا ونحن ننتظر ان تنتهي على خير دون أي يستغلها بعض المغرضين لإثارة ما لا تحمد عقباه.
وفي الحديث عن المهرجانات كيف يرى الناس اصطفاف رجال الأمن العام وسيارات النجدة ودراجات شرطة السير وهم ينظمون السير واصطفاف السيارات ويراقبون امن المنطقة لتحقيق أقصى درجات السلامة للمتظاهرين والمحتشدين في المهرجانات. يقف رجال الأمن بكل قوة وبكل أخلاقيات المهنة والمبادئ الاردنية الأصلية التي تتجاوز كل الهتافات المسيئة والتطاول وغيرها، لان الأردن دائما هو الأقوى وعلى ثقة بنفسه .
من قراءة المشهد الاردني حاليا بواقعية وبرؤية الأمن المجتمعي والأمن الخارجي نجد ان الأردن يخوض معادلة صعبة في تحقيق حالة من التوازن والضبط في الإيقاع الاجتماعي الداخلي ليبقى في إطار مقومات القوة الوطنية على أساس التعددية بكل أنواعها ، هذا من جهة ، ومن الجهة الأخرى ضبط كل متر من الحدود الاردنية التي تزيد عن 2000 كيلومتر طولا لتحصين الدولة ومنع أي اختراق امني أيا كان شكله التخريبي والتسلل إلى داخل المجتمع وبالتالي تعقيد المعادلة الاردنية التي سيصعب تفكيكها حسب أهواء وأهداف اؤلئك من هم خارج الحدود وأولئك من هم في الداخل الذين يتربصون وينتظرون انتهاز أي اختراق ليبرعوا في نفث سمومهم .
لذلك فان الحرب لا تكون فقط بحرب الطائرات والعسكر ضد عدو في دولة أخرى ، بل الحرب هي من اجل الوقاية والحماية الاجتماعية ، واستباق الخطر بالاستعداد التام للتصدي لمنابعه ، والتصرف الفوري برد فعل قوي ضد أي بارقة تسلل أو اختراق أو ضد أي مجرم ووكر .
وفي كل هذه الحالات نجد رجال الجيش والأمن والدرك هم من يتقدمنا جميعا يدافعون عنا يستشهدون ويجرحون ، ساهرون رغم كل قساوة الظروف ، يتعرضون بلا هوادة لإطلاق النار بكل حقد وكراهية وعدوانية ، وهم يتصدون بعزم لان هذا الوطن هو صاحب رسالة فيها المواطن وأمنه وسلامته أساس المعادلة الاردنية ، وتكتمل المعادلة بتوجهات قيادتنا الهاشمية في العزم على توفير كل مقومات الأمن الداخلي والحدودي ، والتنسيق مع العالم ليكون الأردن كما هو دوما جزءا من منظومة الأمن العالمي للتصدي لكل أشكال الإرهاب الغريب السائد الآن في بعض من الدول خاصة المحيطة بنا، وبعد زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لفرقة الملك عبداله الثاني المدرعة يتوجه إلى لندن للمشاركة في مؤتمر حلف الناتو الخاص لتشكيل حلف لمقاومة الإرهاب في العالم خاصة في منطقتنا الإقليمية ، وإذا كنا نقرأ في الحرب الأمنية الداخلية من مداهمات وغيرها وبسالة قوات الأمن في مواجهة الأخطار .
ونقرأ في حالة الحدود الاردنية ويقظة جيشنا العربي الاردني ومنعته فإننا نقرأ بصورة من الاعتزاز مشاركة الأردن في مؤتمر حلف الأطلسي لننتقل إلى التشارك مع العالم في التصدي لإرهاب لا دين له ولا هدف سوى القتل والتدمير وإرهاب المجتمعات وإشعال نار الطائفية والبعد عن ابسط القيم الإسلامية السمحة.
أمام هذا الواقع لا نرى تحركا ثقافيا واجتماعيا وطنيا أردنيا لتعظيم هذا الانجاز ، والوقوف مع جيشنا وأمننا في تعميق الفهم الاجتماعي بالأخطار المحدقة بنا التي إذا ما استشعرناها تماما سنجد أننا نعيش حالة سفسطائية حين انصرف القوم إلى الجدل الداخلي والانشغال بقضايا أخرى والعدو على الأبواب ودخل إليهم وهم بعد لم ينتهون من سفسطائيتهم (ومن هنا جاء مصطلح الجدل السفسطائي ) .
هل يمكن ان ندعو إلى مؤتمر وطني في كل جامعة ومنتدى نقرأ فيه الواقع من ثلاثيته :
1. الأمن الداخلي(المخدرات والتهريب والأسلحة والسطو والسرقات وتناول التظاهرات والمسيرات والمهرجانات )
2. والأمن الخارجي في مسك الحدود وفهم أشكال التهديد المحتمل عبر الحدود كتهريب الأسلحة والجماعات المسلحة وغيرها.
3. دور القيادة الهاشمية العالمي في التعاون في التصدي للأخطار الإقليمية،وتعزيز الدور الاردني في مقاومة الإرهاب وتعزيز مقومات الأمن الوطن الاردني .
نعم يمكننا ان نطلق في مؤتمرنا من وقفة رجل الأمن الاردني في حماية التظاهرات والمهرجانات ، ومن ساعد الجندي الاردني في الحرات السوداء وفي قفار الأرض وهو يحمي الحدود ، حيا الله جيشنا العربي الاردني وقوات الأمن العام الأردنية وقوات الدرك وكل الأجهزة الأمنية .