facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الداعية والسياسي


عمر كلاب
06-09-2014 03:30 AM

وظائف جديدة خلقها الربيع العربي وانتشار الفضائيات، مثل الخسِّ على طريق جرش خلال أيام الربيع يسَّرت السبيل للباحثين عن عمل أو للمتعطلين عنه سواء من حملة الشهادات أو من غيرها للولوج الى الوظائف وتحقيق شهرة ما , وما على الباحث عن وظيفة سوى الاجتهاد في بناء العلاقات، يفضل الكثير منها، وتحويل ما درسه (أو لم يدرسه) إلى علمٍ جديد رائع، أو مؤامرة كبرى تكشفها لتنقذ بلادك .

ابرز ظاهرتين في الربيع العربي حققتا نجاحا باهرا , الداعية والسياسي وتفريعاتهما , فالشيخ الجليل وصاحب الفتوى الأنيقة حقق شهرة كما حققها الشيخ العَبوس من امثال ذاك الذي صرخ : «هاتولي راجل»أو الجالس في الغربة يكفِّر ويزجر , او القابع في سجن يرسل فتاويه ورسائله عبر الزوار أو عبر الحراس .

الداعية مصطلح جديد غزى سوق الإعلام وانتشر بسرعة البرق ونشطت كل فضائية في انتاج دعاتها أو شيخها النجم , الذي يستقبل آلاف المكالمات المدفوعة ويستضيف مريديه ويعقد حلقات النقاش على شاشة الفضائية مباشرة وعلى الهواء دون رقيب او حسيب، بل ويتطاول على حملة المؤهلات العلمية الرفيعة والتهم جاهزة، «شيوخ السلطان»، وإذا ما سألته عن مؤهلاته العلمية حدثته بذلك فالجواب حاضر , فكل السلف الصالح والعلماء لم يتخرجوا من جامعات .

الظاهرة العجيبة الثانية هي ظاهرة النشاط السياسي والحراك المجتمعي، لكن الكثيرمن الشباب القريبين من ميادين السياسة والاحتجاج والتدوين أصبحوا بين ليلةٍ وضحاها نجوم الإعلام، ينتقلون بين تقديم البرامج، إلى الاستضافة والتحليل، وإصدارالبيانات والتصريحات، دون أن يكون ذلك معتمدًا على رصيد شعبي، أو نشاط سياسي حقيقي، أوتأسيس علمي يسمح برفع وعي المشاهد أو تبصيره بزوايا جديدة في التحليل، وهي بالطبع ليست وظيفة يشغلها الإنسان بمؤهلاته واجتهاده ليحصل منها على راتب.

المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي بدورهما يقعا تحت عنوان «السياسي» ، فهو العالم والفاهم بكل الأمور والخبايا , ولا تعرف في ظل هذا الكم الهائل من الخبراء سرَّ تراجع الوطن العربي وسرَّ خسارته لكل الحروب، وقد نجح إعلام ما بعد الثورات العربية في تقديم الكثير من العسكريين والشُرطيين السابقين باعتبارهم خبراء استراتيجيين ، ولا يعرف المشاهد ماذا تعني وظيفته بالتحديد، يقول الكاتب علاء الأسواني: المهندس يتخرج من كلية الهندسة، والطبيب يتخرج من كلية الطب، والخبيرالاستراتيجي يتخرج من ستوديوهات كل الأمور، من السياسة والاقتصاد، إلى العلوم العسكرية والخطط الحربية، وبالطبع الإرهاب والأمن والمؤامرات والخطط الخفية.

الزميل احمد الخطيب الذي انتج بحثا ظريفا في هذا المضمار يقول: بالإضافة إلى غياب التخصص فالخبراء الاستراتيجيون يُقدَّمون على أنهم محايدون ومهنيون، في حين أن أفكارهم وخلفياتهم معروفة، وتدفعهم إلى خلط الرأي مع المعلومة مع التوقع، مع الرسائل السياسية الخفية, ليحصل المشاهد في النهايةعلى مجموعة متكاملة من التوقعات، والآراء، والمخاوف، التي لا تختلف عمَّا يفكر فيه، لكن في ثوب من العبارات المُرتبة والدراية المُصطنعة بخفايا الأمور .

هذه مهن سادت بالإضافة الى مهن اخرى مثل: قارئة البرج وطبيب الاعشاب الفصيح الذي يداوي ما عجزت عنه كل المشافي الطبية والاختراعات الدوائية، ناهيك عن شخوص يقدمون أنفسهم على انهم مخترعون أو مؤسسو علوم جديدة , ويبقى السؤال: لماذا يجب لاستماع لرأي هذا الشخص أو اللواء المتقاعد؟ لماذا يعد خبيرا؟ هل يعمل في أي مؤسسة بحثية؟ هل دراساته وأبحاثه منشورة؟ وما مصادر معلوماته ومدى دقتها؟ إذا كانت الإجابة غير واضحة، فأهمية رأيه مثل أهمية رأيك تمامًا.
(الدستور)





  • 1 د.رياض خليفات 07-09-2014 | 03:17 AM

    اشكرك على هذا المقال الرائع فعلا.
    لو نعرف فقط الحروب العظمى التي خاضوا ضمارها
    احنا في زمن يصبح الحليم حيران وهذا اكيد.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :