بعيدا عن جدلية مشككين ينطلقون من أجندات فرعية ضيقة، وجهوية ودينية وعقائدية وفكرية، وأحيانا استخباراتية، حول الانتصار الذي حققته المقاومة في قطاع غزة، فإن من واجبنا، ان نكرس التأكيد على ان من انتصر، هو الفكر المقاوم برمته، وليس فكر تنظيم او جهة.
الصحيح إن أولئك المشككين المرتعشين ينقسمون لانواع، نوع يلهث وراء زوايا ضيقة، وخلف اسرائيل واميركا، ومن بينهم دول عربية، ونوع اخر لا يريد أن يقول بانتصار المقاومة، لأنه يكره أي انتصار عربي على إسرائيل، ويعمل لمنع تحقيق ذلك، ولا يريد التسليم بالانتصار، لأنه لا يريد كسر شوكة إسرائيل، فيبحث عن كل المرادفات للقول إن المقاومة لم تنتصر!
ونوع اخر، من اولئك المرتعشين، يعتبرون أن ورود كلمة نصر لأي مقاومة عربية يكشف حقيقة دورهم المتواطئ مع العدو، وكيف لا، وهؤلاء انفسهم، سبق أن قالوا إبان حرب تموز في لبنان العام 2006، عن سلاح المقاومة وصواريخها، التي قصفت تل أبيب وحيفا وغيرها بأنها العاب نارية، وقدم بعضهم الشاي، مرتعشا لضباط الاحتلال الصهيوني عند الحدود مع لبنان؟!
شخصيا، اعتقد أن الشعب الفلسطيني في غزة انتصر، وأن المقاومة انتصرت، نعم استشهد 2000 شهيد، وجرح عشرة آلاف، وهدمت بيوت وشردت عوائل، هذا كله صحيح، وان دل على أمر فانه يدل على همجية الاحتلال الصهيوني ونازيته، ومن كان يعتقد ان درب التحرير والنصر مفروش بالورود فهو واهم!
هؤلاء المشككون، لم يسألوا انفسهم، ماذا كانت تريد إسرائيل من القطاع قبل العدوان وماذا حققت؟ كانت تريد استسلاما، ونزع سلاح المقاومة، وقتل قادتها، فهل حققت هدفها ام لا؟ قطعا لا، ولم تحقق منه سوى القتل والتدمير وإظهار همجيتها للعالم، وكرهها للسلام.
الشعب الفلسطيني في القطاع صمد، لم يترك موقعه، لم يتكدس على حدود رفح بحثا عن الأمان، ولهذا فان من حق من صمد وقاوم أن يزف له نصر الصمود، ومن حق كل شعب آزر هذا الشعب الصامد، وكل قناة إعلامية، ودولة أيدت حق الشعب الفلسطيني في المقاومة حتى تحرير بلاده أن يشكر.
ليس من حق احد، بعد النصر، ان يوزع صكوك الشكر، لهذا الطرف ويترك ذاك، وليس من حق احد، ان يسير بنا بحسب رغباته واهوائه وافكاره، فمن قاوم وصمد هي فصائل مختلفة وكثيرة، وليس فصيلا واحدا فقط، ومن صبر وواجه الطائرات الاسرائيلية شعب باكمله، ناهز مليوني فلسطيني، وهؤلاء قطعا ليسوا كلهم على قلب رجل واحد خارج القطاع، ولكنهم قطعا على عقيدة المقاومة ضد اسرائيل.
من حارب وقاوم في القطاع يعرف يقينا ان هناك دولا حولنا، تقول الكثير وتصرح بالكثير، ولكنها في حقيقة الامر، لا تفعل حتى اليسير، ويعرف ان بعض تلك الدول لديه سفارات ومكاتب تجارية لاسرائيل، وقواعد اميركية على اراضيه.
قطعا فان شمس الحقيقة لا تغطى، وإن خرج قادة "حماس" لشكر هذه الدولة، أو تلك القناة الاعلامية، التي خسرت جماهيرها جراء انحيازها التام في الأزمة السورية، وعدم مهنيتها، فان ذلك لن يقنعنا بأن من وجه الشكر لهم خالد مشعل، وغيره، حازوا على مفاتيح الجنة، ومن لم يوجه الشكر لهم يقفون في الصف الآخر.
مفاتيح الشكر والامتنان، ليست بيد مشعل أو غيره من قادة "حماس" السياسيين، وإنما بيد كل جهة وحركة قاومت، وبيد كل من احتضن المقاومة وصبر، وقاوم، وبيد كل من رأى وشاهد وتابع.
من واجبنا شكر كل من نسي شكرهم مشعل، لانهم لا يتفقون معه سياسيا او فكريا، فالشكر لحركة الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية، وكل الفصائل المقاومة الاخرى، ولكل الشعوب العربية التي ناصرت وخرجت منددة بالعدوان، ولشعوب ودول أميركا اللاتينية وشعوب أوروبا، والمقاومة في لبنان، وسورية وإيران، ولقناة الميادين وفلسطين اليوم، والفلسطينية، ورؤيا، والجديد، والفضائية السورية وغيرها من قنوات الإعلام الحر التي ناصرت المقاومة.
سادتي... كفاكم تسليف مواقف، آن لكم أن تعتزلوا، واتركوا الساحة للمقاومة، لكي تقول كلمتها، ولجيل جديد يؤمن بالحقائق كاملة، وليس بأنصاف الحقائق.
(الغد)