«إسرائيل» تصادر (4000) دونم
د.رحيل الغرايبة
03-09-2014 03:00 AM
أقدمت حكومة الاحتلال على مصادرة (4000) دونم من أرض الضفة الغربية جنوب بيت لحم، بعد الاتفاق على وقف اطلاق النار ووقف الحملة العدوانية على غزة، في خطوة استفزازية للعالم العربي والإسلامي ولكل المجتمع الدولي، وتم إدانة هذه الخطوة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأمين العام للأمم المتحدة الذي عبر عن قلق المجتمع الدولي في هذا الوقت وفي هذه المرحلة حسب تعبيرهم.
وجه المشكلة الحقيقي يظهر بوضوح عندما يأتي اصدار القرار «الاسرائيلي» في الوقت الذي تم فيه تسريب محضر الجلسة التي تم عقدها بين قيادات الشعب الفلسطيني في الدوحة، الذي تم فيه تبادل الاتهامات والتعبير عن هدم الثقة بين الأطراف، أما عن الموقف العربي فهو غائب تماماً يصل إلى حد العدم.
مواصلة حكومة الاحتلال لسياسة مصادرة الأرض الفلسطينية والاستيلاء عليها، وطرد أهلها، ومواصلة إقامة المستعمرات بطريقة عدوانية، تؤكد بوضوح لا يخالطه الشك استراتيجية ابتلاع الضفة الغربية، رغم صيحات الاستنكار والإدانة التي لا تشكل عائقاً أمام إرسال الجرافات لاقتلاع زيتون أهل فلسطين وتدمير مزارعهم، وطردهم بقوة السلاح حراسة الجيش «الاسرائيلي».
والسؤال الموجه للرئيس عباس والسلطة ولكل قادة الشعب الفلسطيني، ماذا بقي للمفاوضات، وماذا بقي لمسار اوسلو كله؟ ماذا بقي من الوعود الدولية ؟ وعلى ماذا الخصام والتوتر ؟ وعلى ماذا يتم رفع الصوت وتبادل الاتهامات، وفبركة المؤامرات، والمكائد ونصب المصائد، «والعزارة» في الاعلام؟ بعد ذهاب الأرض والاستيلاء عليها بجرّة قلم؟!
المشكلة المعقدة بين القيادات الفلسطينية تلخص المشهد العربي كله، من تفرق ونزاع، وتشتت، وغياب للرؤية الموحدة، وغياب للمشروع المتكامل الذي يجمع شتات الشعب الفلسطيني كله في الداخل والخارج، وانعدام لتوزيع الأدوار، بينما نرى قادة العدو الصهيوني رغم ما بينهم من اختلاف وتناقض وتباين في المواقف والسياسات، ولكنهم قادرون على ايجاد رؤية موّحدة «للدولة: وسياسة موحدة وقرارات قادرة على تحقيق انجازات ملموسة لصالح الكيان، والقدرة على استثمار الظروف رغم الصعوبة والحرج الذي يكتنفها في نهاية المطاف.
مصادرة هذه المساحة الكبيرة من الأرض الفلسطينية من قبل حكومة الاحتلال تعد صفعة قوية للسلطة ورئيسها، وصفعة قوية لجميع الأطراف بلا استثناء، وصفعة قوية لكل أمة العرب والإسلام، بالإضافة إلى ما سبقها من صفعات ولطمات في غاية الغطرسة والاستعلاء من العدو وفي غاية الألم لنا جميعاً، والمفروض فإن توالي الصفعات يؤدي إلى اليقظة والصحوة لكل الأطراف الفلسطينية والعربية، وأن تشكل محطة مراجعة سريعة وفورية لمجمل السياسات والمسارات والاستراتيجيات الفاشلة على مستوى محلي وإقليمي وعالمي، والشروع بمحاولة جادة نحو بناء رؤية فلسطينية موحدة، والاتفاق على مشروع فلسطيني موّحد بالحدود الدنيا، والتركيز على الأولوية المشتركة، المتمثلة بامتلاك القدرة على بناء الإطار الموّحد، وتأجيل معارك التنافس على الزعامة والسلطة الوهميّة المتهالكة والمتآكلة التي ضيعت الأرض واستهلكت الجهد، وفرطت بالدماء والشهداء والحقوق!
الوضع العربي برمته بحاجة ماسة إلى نظرة مختلفة، وإعادة نظر ومراجعة على كل المستويات الرسمية والشعبية، وبحاجة إلى محاولات جادة للبحث عن مخارج للأزمة، وضرورة عدم الاستسلام للمسارات التقليدية القديمة وعدم الاصرار على سلوك المسارات الفاشلة، وتكرار الهزيمة تلو الهزيمة، والإدمان على اللدغ من الجحر الواحد المرّة تلو المرّة، وهذه وظيفة كل المفكرين والسياسيين وأهل النظر والعلماء بكل اختصاصاتهم ومواقعهم الذين يتحملون مسؤولية البحث عن بصيص الأمل وجذوات الضوء في هذا الظلام الدامس.
(الدستور)