قبل أيام وفيما كنت أطالع الصحف، لفت انتباهي خبر عن بدء صرف المستحقات المالية (الدعم) للأحزاب المرخصة، وشائعات عن تحديد نظام جديد للصرف، وبصراحة انتابني فضول شديد لمعرفة عدد الأحزاب المرخصة في الأردن، ليتبين أنها حتى اللحظة 34 حزبا أتمت ترخيصها، وهناك عدد آخر متقدم للترخيص.
وبصراحة أشعر أن الرقم كبير لدولة بحجم وعدد سكان الاردن. وكبير جدا قياسا بدور وفاعلية هذه الأحزاب، التي بالكاد نسمع بها، حتى أنني أراهن ان معظم الاردنيين لا يستطيعون ذكر أسماء عشرة احزاب.
والأسوأ أن معظم الأحزاب بات يعرف باسم المؤسس أو الممول «حزب فلان وحزب علان»!
لذلك من حقي كمواطن أردني ان اسأل الأحزاب :ماذا قدمت للاردن؟ وماذا استفدت أنا منها ومن الدعم الذي تتقاضاه من الخزينة وبالتالي من جيبي، سواء كبر هذا المبلغ أم صغر؟ وما هي برامج هذه الأحزاب وخططها؟ وكم منها طبقت؟ وكم منها قابل للتطبيق أساسا؟ والأهم لماذا نسمع بهذه الاحزاب فقط وقت الانتخابات، وفي بعض المواقف التي تكثر فيها المزايدات والعنجهيات؟ واذا انقضى موسم المزايدات صمتت، وإذا انقضت الانتخابات انشقت وتشرذمت..
بالطبع الشماعة دائما موجودة لفشل كل شيء.. (تدخل الحكومة والقبضة الأمنية)، والواقع أنها حجة ممجوجة مردودة، فها نحن نرى القلة من الأحزاب الفاعلة وهي تناكف وتعارض وتسبب الصداع للدولة والقلق للمواطن، فأين القبضة الأمنية والتدخل الحكومي المزعوم؟
الأنكى من هذا أن قيمة الدعم الذي تتلقاه هذه الأحزاب سنويا ومنذ سنوات هو 50 ألف دينار لكل منها، أي انه يبلغ هذا العام 1.7 مليون دينار، فمقابل ماذا ندفع هذا المبلغ؟ وماذا يستفيد المواطن منه؟ وهل جيبي ملزم بتحمل بدل إيجارات ورواتب ونفقات بذخية لهياكل غير فاعلة بالمطلق؟
والمشكلة الأكبر أن هذه المبالغ والنفقات يتحكم بها المؤسس أو عدد محدود من المؤسسين والمسيطرين، الذين يبقون يتبادلون كراسي الحزب من نشأته حتى مماته أو مماتهم، ولم أسمع شخصيا في يوم من الأيام بحزب نشر ميزانيته أو اشهر مصادر دخله ونفقاته، ومع كل ما سبق تجدهم يتغنون بالديمقراطية، ويطالبون بالشفافية وتداول السلطة، وهي امور هم منها براء.
ورغم أن ما سلف هو القاعدة تقريبا فيما يخص الأحزاب، لكن لكل قاعدة شواذ، وهناك بعض الأحزاب التي وإن لم يصل أداؤها الى المأمول لكنها على الأقل فاعلة وظاهرة.
لذلك أتمنى على الحكومة عامة، ووزارة التنمية السياسية خاصة، أن تتوقف عن تمويل أي حزب غير فاعل، فهذه الكيانات أصبحت أحزابا وهمية قائمة للمظاهر الفارغة، واستلام الدعم الحكومي، وأن يربط تمويل الأحزاب بمعايير الكفاءة والعمل، ولا بأس من تقسيم المبالغ على عدد الأنشطة، فهذه الأموال تمنح للأحزاب لأنها كيانات تخدم المجتمع، لا دكاكين سياسة ولا خيام للوجاهات، فإن لم تؤد هذه الخدمة فلا مبرر أن تحصل على المقابل.