فليعذرنا الحبيب علي بن ابي طالب على تحريف شعره، ففي زمننا حق القول “فَما أقلّ الإِخوان حينَ تَعدّهُم، وَلَكِنَهُم في اللايكات كثير”!
نعم “كثيرون”!
لقد تفاجأت يوم أمس ببوست ضد شخصية سياسية من المؤكد أنني لا أتفق معها، لكن بكل الأحوال لايجوز من شخصية اعلامية أن يخاطبه قائلا “تفوه على شرفك يا كلب”.. هذا البوست حقق حتى اللحظة 161 لايكا!
قد يقول قائل بأن الشخصية الاعلامية قد تمكنت من جمع حصيلة اللايكات هذه من المراهقين أو غير المثقفين، لا، لقد حصل عليها من مفكر ومن ناشطين بعضهم يعتبر قارئا للكتب من الدرجة الأولى، وأصحاب ذوق رفيع من دون مبالغة، لكنهم وجدوا أن هذا البوست يتلاقى مع ذوقهم فجأة!
ما كنا ننتظره من هذا المفكر هو أن يرسل رسالة خاصة للشخصية الاعلامية، وينصحه بنبرة حانية بأن هذه اللغة لا تجوز ولايجب أن تصدر من أحد قادة الرأي! وإن لغتنا العربية لم تضن علينا يوما بالمفردات والعبارات التي يمكن أن نصور فيها انتهازية هذا السياسي ونرفضها، وفي النهاية أنت لست بحاجة كسب أعداء بقدر ما أنت بحاجة لاقناع الجماهير بان هذا السياسي مخادع، وهذه هي معركتنا من حيث الأصل، ثمة حجج وبراهين متاحة وهي بالتأكيد أكثر بلاغة من “تفوه على شرفك يا كلب”.
ما كنا ننتظره من ناشطين بعمرنا أن يتحدثوا بلغة الصديق إليه ويقنعوه بالكف عن هذا، فهذا قد يليق بشاب لم يسعفه حظه العاثر على اكمال تعليمه، فأكمل سنين نشأته بين أشخاص لايملكون من المفردات اللغوية سوى الشتائم.
المحزن، أننا عندما نستمع لذكريات الجيل السابق ونستطلع جزءا من أحلامهم، التي تصب أخيراً في خانة الرقي والتحضر.. كانوا يحلمون بالرقي والتحضر في زمن الهزائم، وللأسف إننا اليوم نعيش زمن بداية الانتصارات ولايمكننا أن نتلذذ بها، ببساطة لأن القبح يحيط بنا من كل الجهات، فحتى أصحاب المشاريع الوطنية إذا أرادوا أن يقولوا كلمتهم تشعر وكأن سنوات التعليم والتربية لم تسعفهم ليخرجوا بعبارة منطقية، وإن أسعفتهم فهم يلجأون لتوزيع صكوك الغفران على الناس.. لا يهم من الموّزع، فالسلفي يوزع لنا صكوكا تدخلنا الجنة او النار والقومي يوزع لنا صكوكا تصنفنا أننا مخابرات أو شعب مسكين.
وإذا لم يتجرأ الفرد على قول الرذيلة فهو يضع لها لايك أي يصفق لها بلغة العصر الحديث!
حالتنا مضحكة.. إننا نتنعم بصورة العدو الصهيوني وكرامته تتمرغ في الأرض، ونضيع الوقت في الشتائم والتخوين، مع أن زمن العمل قد جاء.
ياحضرة الاعلامي الواعد، لقد تعلمنا قبل سنوات درسا مهما، وهو أن النجاح لا يكون في أن يصفق لك المؤيديون، بل في أن تتمكن من الوصول لمعارضي فكرتك واقناعهم بوجهة نظرك، بالله عليك حدثني عن حال معارضي فكرتك يوم قلت لأحد قادتهم “تفوه على شرفك ياكلب”؟
هل أدمعت أعينهم؟ هل شعروا بالذنب والخجل من سلوك قائدهم السياسي الانتهازي؟ هل شعروا بأننا كنا على صواب وهم على خطأ؟ هل شعروا أننا أمة عربية واحدة، وانتهازية هذا السياسي تشق صفنا ويجب أن يديروا أظهرهم له؟
كل مافعلته أن عمقت ذلك الشق الذي أحدثه ذلك الذي وصفته بالكلب.. عمقته أنت وكل من صفق لك الكترونيا.