تتناقض التصريحات الرسمية في تقييمها لحالة الاقتصاد الأردني، فهل هو بخير ويحقق تقدماً كما كان معتقدأً، ام أنه في أسوأ الحالات وفي حالة تراجع كما قال رئيس الوزراء.
ليس بالإمكان النظر إلى إحدى وجهتي النظر على أنها مصيبة، وإلى وجهة النظر الأخرى على أنها مخطئة، أو بالعكس.
وجهتا النظر صحيحتان إلى حد بعيد، ذلك أن مؤشرات الاقتصاد الأردني ليست باتجاه واحد، فبعضها إيجابي يؤكد وجهة نظر المتفائلين، وبعضها الآخر سلبي يؤكد وجهة نظر المتشائمين.
في الحالتين فإن تقييم حالة الاقتصاد الأردني بهذا الاتجاه أو ذاك ليست مسألة علمية بحتة يحسمها الاقتصاديون، لأن كلاً منهما يعتمد على مؤشرات منتقاه تؤيد وجهة النظر وتتجاهل المؤشرات الأخرى بالاتجاه المعاكس.
هناك وجهة نظر إيجابية تعتمد أساساًَ على المؤشرات التي تعطي قراءة إيجابية مثل ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وانخفاض معدل التضخم إلى مستوى 3%، وتحقيق نمو إيجابي في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 5ر3% بالأسعار الثابتة، وتقليص عجز الموازنة بالتدريج، وتدفق الاستثمارات العربية والأجنبية، وارتفاع حوالات المغتربين، والنمو الواضح في المقبوضات السياحية، والالتزام ببرنامج للإصلاح الاقتصادي مقبول لصندوق النقد الدولي.
وهناك وجهة نظر سلبية تعتمد على مؤشرات منتقاه تعطي صورة متشائمة لحالة الاقتصاد الراهنة، وفي المقدمة ارتفاع المديونية وخاصة بالعملة الأجنبية، وأعباء اللاجئين السوريين، وارتفاع معدل البطالة والفقر، وانسداد منافذ الصادرات الوطنية إلى سوريا ولبنان والعراق بسبب الاحداث، وانقطاع الغاز المصري والبترول العراقي إلى آخره.
المتفائلون لديهم حجج صحيحـة، والمتشائمون لديهم حجج صحيحة أيضاً، فالنتائج الاقتصادية مختلطة، مما يترك لمن يشاء أن يختار منها ما يناسبه.
من الطبيعي والحالة هذه أن تجد الحكومة نفسها في الجانب المتفائل لأنه يعني نجاحها في السير بالاتجاه الصحيح، وأن يجد المعارضون للحكومة أنفسهم في الجانب السلبي لأنه يعني إظهار فشل الحكومة وسيرها بالاتجاه الخاطئ. أما إذا أخذت الحكومة بالجانب المتشائم كما حدث مؤخراً، فهذا استثناء يقصد به تبرير قرار صعب، تعود الحكومة بعد تمريره إلى حالة التفاؤل.
المفاضلة بين الاتجاهين ممكنة بطبيعة الحال، فالتفاؤل مطلوب لأنه يشجع على النمو والاستثمار، أما التشاؤم فيؤدي إلى الجمود والانكماش ويحقق ذاته.
(الرأي)