عندما نحدث عن النفاق "Hypocrisy" وظاهرته المنتشرة طولا وعرضا في مجتمعنا الأردنيفهي ظاهرة مرضية سميت بكل وقاحة وصفاقة بالإتكيت وهى ظاهرة إرضاء الاخر على حساب الحقيقة ,وعندما نرى ونشاهد البعض ..ونرى في وجوههم وعيونهم علامات الحسرة والاستفهام وعدم القدرة على طرح الحقيقة ولو كانت جارحة وكأنها تريد ان تقول شيء ما..؟ يبادر إلى الذهن فورا أسئلةمفادها: لماذا الخوف من طرح الحقيقة ومجابهة الواقع المؤلم؟ أو أن ما يعيشه الانسان من إحساس بالذنب وتأنيب الضمير، ألا يستدعي طرح الحقيقة،والصدق معالنفس ومع الآخرين؟
ان إخفاء الحقيقة وعدم البوح بها، يساهم في انتشار هذه الظاهرة المرضية و تأزيم الوضع المتردي وتفاقمه,من خلال السكوت على قول الحقيقة , ومسايرة ظاهرة التملق, والنتيجة ظاهرة للجميع هو تراجع، المصداقية وعدم وضع النقاط على الحروف.
أليس الأولى محاربة ظاهرة التملق والنفاق والقول للكاذب بانك كاذب والمنافق بانك منافق , ومعالجة الأخطاء قبل وقوعها وتفاقمها، وبالتالي عدم استفحال هذه الظاهرة المرضية . انالتهرب من قول الحقيقة والتغاضي عنها بأساليب شتى وملتوية، لا تساعد على معالجة الأخطاء والسلبيات التي تحصل في مجتمعنا الأردني ، لا بل حتى من يقول الحقيقة يعتبر غير مرغوب فيه ويمكن ان يوصف بنعوت سلبية منها على سبيل المثال (غير دبلوماسي او اهبل )، والنتيجة لا يمكن تغيير هذه الظاهرة المرضية في هذه الحالة، والخاسر الوحيد هو الوطن والمجتمع والانسان وتحطيم المبادئ، وخلق اليأس والإحباط لدى الجميع ومحاربة من ينطقون بالحقيقة .
ونتسأل في هذا المقام ماذا يكون حال مجتمعنا الأردني عندما تتحطم المصداقية وتنتشر ظاهرة النفاق في سبيل تحقيق غايات ومآرب شخصية متجاهلين واجباتنا اتجاه مجتمعنا سواء كنا وزراء او نواب او مواطنين..
ان البعض الذى أصيب بهذه الامراض الاجتماعية وممن يعملون ويعلمون بهذه الأخطاء قبل وقوعها يضعون رؤوسهم كالنعامة في الرمال ولم يتجرؤوا بطرح الحقيقة ومجابهة ظاهرة الكذب والنفاق فهم يصطفون مع تلك القوى التي ابتليت بمرض النفاق والكذب والتي تعمل ليل نهار في الغرف المظلمة من أجل إعادة الحياة لهذه الامراض المزمنة التي بسببها انهارت الكثير من الحضارات والدول ، فهؤلاء لا يهمهم مصلحة الوطن بقدر ما يهمهم مصالحهم الشخصية والآنية تاركين المصلحة العامة خلف ظهورهم.
نحن نتداول ليل نهار المثل الشائع وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب بدون أن نعمل من أجل تحقيقه على أرض الواقع تطبيقاً صحيحاً بما يرضي الضمير والمبادئ التي يتم النضال والعمل من أجلها وفي تحقيقها . .
لذلك، لا بد من إيجاد حل جذري لمحاربة هذه الظاهرة السلبية الخطيرة، فالروادع في هذه الحالات مهمة جداً بل ويجب الأخذ بها وتطبيقها بمنتهى الجدية والحماس، على تلك العناصر المسيئة والفاسدة والمتكتلة في هذا المجتمع ، فاذا لم يتم محاسبتهم، وردعهم وحتى بترهم من جسم هذا الوطن يصبح المجال واسعاً أمام هذه العناصر الوصولية والانتهازية في طبيعتها ان تنتشر وتتمدد ، لكي تستغل الفرصة وتحصل على حقوق الاخرين وتتمدد في الظلام فهم كالخفافيش لا يعملون الا في الظلام ، ولأن التمادي في ظاهرة التملق والنفاق والكذب يجعل الآخرين من أصحاب الانفس المريضة عرضة للإصابةبهذه الامراض الاجتماعية الفتاكة , وإذا لم نقم بتصدي لهذه الظاهرة ولم يكن هنالك محاسبة حقيقية للمسيئين والفاسدين في هذه الحالة فأننا سنندم يوم لا ينفع الندم .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام : لماذا التغاضي المقصود عن هذه الامراض التي التي أصيب بها البعض ؟ ، أليسهو التملص من المسؤولية وعدم الرغبة بتطبيق الأنظمة والقواعد والضوابط على الجميع وعدم الشفافية اليس هي عدم رغبة وجدية بعض المسؤولين الفاسدين والمنافقين بمحاربة هذه الظاهرة لانهم وصلوا الى هذه المناصب عن طريق النفاق والكذب .
ولا بد هنا من التأكيد بأن وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب يشكل عاملاً مهماً ومسلكاً صحيحاً لنجاح وتقدم هذا الوطن, فمن يملك القدرات العلمية والمؤهلات القيادية والإدارية لابد سيكون أداؤه أكثر فاعلية وفعالية من العناصر المهترئة والفاسدة والمتخلفة، لأن الأداء الناجح يعود بالفائدة والمنفعة على الجميع وعلى الوطن بذات . وهنا لا بد من القول مباشرة وبصراحة شديدة أن بناء المواطن المخلص والمنتمي الحقيقيلوطنه والذي يعمل من أجل المصلحة العامة، ويجهر بالحقيقة،فهو إنسان يحترم نفسهومكونات مجتمعه وحتى معارضيه.
ولنا قدوة حسنة فيالخليفة الراشدي عمر ابن الخطاب رضى الله عنة في الجهر بالحق عندما قال لعامة المسلمين " لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فى ان لم اسمعها “وأخيرا نقول ان افات الأوطان وسبب تخلفها وسقوطها هم أبنائها النفعيون والانتهازيون.