مغزى تضخيم التهديد الداعشي للأردن ولبنان
اسعد العزوني
01-09-2014 04:01 AM
أكثر ما لفت نظري ،وإستوقفني طويلا ،في لعبة داعش ،التي إستمناها لنا التحالف المخابراتي الثلالثي :السي آي إيه والإم 16 البريطاني والموساد الإسرائيلي - كما قال السيد سنودن وكيل السي آي إيه الهارب إلى موسكو،من أجل إيجاد عدو جديد للعرب ،من لحمهم ودمهم ،غير إسرائيل ،بعد أن أصبح العرب أصدقاء لإسرائيل على ذمة الثعلب الماكر شيمون بيريز ونتنياهو- هو سيل الضخ أو الطخ من قبل المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والإسرائيليين ناهيك عن الداعشيين أنفسهم،بخصوص حتمية وسهولة غزو الأردن ولبنان ،وأن ذلك تحصيل حاصل!!!!
المسؤولون الأمريكيون وعلى كل المستويات دخلوا المزاد ونصبوا أنفسهم مدافعين عن الأردن ،ومحذرون من نوايا داعش بغزو الأردن ، والأنكى من ذلك أنهم أكدوا أن أمريكا ستقف مع الأردن في مواجهة داعش.
أما المسؤولون البريطانيون ،فقد عزفوا على الوتر الأمريكي ،وقالوا أن الأردن ولبنان باتا في مرمى داعش ،وأن بريطانيا مستعدة لصد العدوان الداعشي على الأردن ،بالتنسيق مع الحكومة الأردنية ،وآخر صور هذا العزف ما ورد على لسان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، الذي كشف أن بريطانيا والناتو سيدافعون عن الأردن.
لكن المسؤولين الإسرائيليين بزوا الطرفين الشريكين في هذا الأمر ،إذ أن تقاريرهم الإستخبارية وألسنة مسؤوليهم نذرت كل جهودها لكشف الخطر الداعشي على الأردن ،وأن إسرائيل مستعدة للتصدي والدفاع عن الأردن في حال قام داعش بغزو الأردن ،وقالت من معها فتوى من الحاخام الكبر بمضاجعة المسؤولين العرب من أجل مصلحة إسرائيل تسيبي ليفني أن الأردن بوابة إسرائيل ،وأن داعش يقدها.
النكتة الأسمج ،بل الكذبة الكبرى ،هي ما ورد على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي المودع بيبي نتنياهو ،الذي علل موافقته على وقف إطلاق النار في غزة ،لأن داعش يهدد الأردن وبات موجودا على حد زعمه قرب الجولان ،مع أنه – أي نتنياهو- صرح قبل ذلك بأن السبب الحقيقي لموافقته على وقف النار هو خوفه على جنوده من القتل والخطف في غزة ،وتلكم المسألة.
هذا الثلاثي الذي نصب نفسه خائفا وحريصا على الأردن يعمل وفق سياسة مدروسة ،إذ أن هذا الخبر أصبح شبه يومي وباتت ألسنة كبار المسؤولين في هذا التحالف تلهج به، ولست مغال إن قلت أنهم ، وهم الذين خلقوا هذا التنظيم العبثي لتقسيم الشرق الأرسط كما قالت وزيرة خارجية أمريكا السابقة، المكلومة بخيانة زوجها الرئيس الأسبق لها .
السفير البريطاني في الأردن ميليت خشي ألا يكون صوت رئيس وزرائه قد سمع في الأردن ،فعمد إلى إسماعه بنفسه عن طريق التصريح للإعلام المحلي حيث قال أن بلاده تخشى من تمدد داعش للأردن ،وهذا عمل لا يصدر إلا عن معلمين في الإرهاب .
لبنان والأردن سيان ،فهما الهدف ،ولكن لبنان بسبب تركيبته الطائفية يعتريه ضعف ما ،الأمر الذي يجعل تعرضه لأي عدوان خارجي أمر هين وسهل،في حين أن الأردن وضعه مختلف فالدولة ما تزال متماسكة ،ولكن الشر المحدق بالأردن هو ما سيأتي من لدن "أصدقائه".
لبنان ذاق طعم داعش ، وتبرعت السعودية بمليار دولار لتسليح الجيش اللبناني ،ستدفع نقدا وعدا لفرنسا كي تفك أزمتها افقتصادية ،كما أن أمريكا بدأت بضخ الأسلحة للبنان كي يدافع عن نفسه!!
لماذا الخوف على الأردن؟سؤال وجيه ،لن يجيب عليه ذوي الشان من التحالف الثلاثي الآنف الذكر ،لأنهم يخططون بليل، لتغيير خريطة المنطقة وشطب حدود سايكس –بيكو، التي ولدت إسرائيل ،وإستبدالها بشرق أوسط جديد أو كبير لافرق ،لتثبيت إسرائيل دولة يهودية خالصة، شأنها شأن الكيانات الإثنية والعرقية الأخرى، في المنطقة التي ستتمتع بصفات دول ،وأنا خائف جدا من تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة ،التي قال فيها أن أمريكا وأوروبا تكونان جيشا مشتركا لغزو العراق وسوريا ،والهدف من ذلك بطبيعة الحال هو البدء بتقسيم المنطقة داعشيا.
لو أن هذا التحالف الثلاثي وأخص بالذكر أمريكا وبريطانيا ،خائفتان حقا على الأردن ،لبادرتا بدعمه إقتصاديا ،لإنعاشه وترطيب الأجواء الإجتماعية فيه ،خاصة وأن سفارتيهما تعلمان جيدا تفاصيل الشارع الأردني ونبضه ،عن طريق أصدقائهما من الأردنيين ،وعناصر السي آي إيه النشطين في الأردن ،خاصة وأن سفيريهما مرخص لهما التجوال في الأردن طولا وعرضا دون رقيب او حسيب ،ويتم التشريب لهما على المناسف ويحتفى بهما ،علما أن ذلك مخالف للإتفاقيات الدولية الديبلومسية ،فعلى سبيل المثال هل يستطيع السفير الأردني في واشنطن التجوال هكذا في أمريكا والإحتكاك بفئات الشعب الأمريكي وقواه؟كلا بطبيعة الحال.
مجمل القول أن التحالف الثلاثي الآنف الذكر الذي إستمنى لنا داعش ،وأخرجه لنا من صلبه ،يريد تقسيم الشرق الأروسط ،ولكن بعد "تشذيبه "،بمعنى أن هناك إيران وجماعة الإخوان المسلمين ،وهاتان القوتان مطلوب إزاحتمها عن الساحة خاصة وأنهما تمتلكان ذراعان عسكريا هما حزب الله المتورط الآن في سوريا ،وحماس العالقة في غزة بعد العدوان الأخير على القطاع ،وسيتم حشرها في الزاوية بعد تدخل مجلس الأمن والطلب منها التخلي عن حكم غزة وتسليمها للسلطة الفلسطينة .
السيناريو المتوفر حتى اللحظة هو هجوم داعش السني على لبنان لخوض حرب مع حزب الله مدعوما بالكثير من القوى المأمورة ،وسوف لن يقوم بتهجير مسيحيي لبنان بطبيعة الحال ،لأن هذا ليس هدفه كما فعل في العراق.
أما بالنسبة للأردن فمهمته الوحيدة ستكون مواجهة الإخوان المسلمين أصحاب حماس ، وعندها ستمتد النار الأمريكية البريطانية الإسرائيلية لتحرق كل البيدر ،ومن ثم تفعل إسرائيل فعلتها ،ونكون جميعا مسؤولين عن مصيرنا لأننا لم نحم أوطاننا بالطريقة المعروفة بل بعناها بالمزاد العلني .