مـفـاتيح : مفاتيح الحقيقة
19-03-2008 02:00 AM
يتسنى لنا قبل ان نمارس فعل الحقيقة في الضوء الفاضح الذي يسطو على أسرارنا الأسيرة في ضمائرنا ، أن نعرف كيف نمتلك مفاتيح الرغبات التي تكبح خطو أقدامنا ..
تلك المفاتيح التي يجب ان لا تخضع لشروط معلنة مسبقا ، وأن لا تسري عليها شروط المواصفات والمقاييس العالمية .
بل علينا ان نفسح لها الرغبة في فك أسر الحقيقة ، فقط لا غير ، أن ندعها تتقمص دور المحارب الذي تخلى عن عرشه كي ينقذ إنسانا داست جسده أقدام أشباح التورية والاستعارة الضمنية ، وتنشل كينونة الإنسانية من وحل معاطف الفرو والمخمل .
لا بد لأقلامنا المفاتيح أن ترهق كاهل الأقفال التي توصد الحقيقة بين جنبات ضلوع البشر وجدران المدن الصماء ، ثمة عامل ارتباط بين الأشياء كأشياء على سليقتها وبين حقائقها ، تماما كما الظل الذي يخاف النور فيختبىء خلف صاحبه .
إذا أردت أن تعرف حقيقة الشيء فتمعن في ظله ..
وهي الحقيقة ، الحقيقة كعلاقة شرعية وطبيعية بين السبب والنتيجة ، يلوذ بها جلنا كأشخاص وكمؤسسات في سجن ضمائرنا التي تدعي إنسانيتها ، لما لتلك الحقيقة من أثر سلبي على نمونا الطبيعي في هذه الحياة .
فكم حادثة وقعت لإنسان أردته ميتا ، فخسر حياته في بورصة الزيف ، وكم حالة تسمم وتلوث وفساد وسرقة واختلاس ونهب لأموال الشعب وظلم وتعسف وقعت ولم تستطع المفاتيح المأجورة وغير المأجورة أن تفك أسر حقائقها ، فذهبت أدراج الموت والاغتيال ....
لقد عانت الحقيقة منذ ولادتها مع الأشياء من ظلم السلاطين والقادة ، ومن مصالح المؤرخين الذاتية ، ومن خبث ودهاء الساسة ، ومن سيوف المحاربين باسم الديمقراطية والعدل ، وها هي تذبحها الأقلام المزيفة على أوراق بيضاء الشكل سوداء المضمون قرابينا لسجانها .
تحتاج الحقيقة منا أن نطلقها كي تعيش في الفضاء إلى جانب الهواء ، تحتاج أن تحدق مليا في عين الشمس ، وأن يراها البشر جميعا .
فلأقلامنا التي يعرف أصحابها كيف يمسكونها جيدا ، آن الأوان كي تسهم في إحياء الحقيقة لا إلى إماتتها ، أن تتحول إلى مفاتيح ليست صدئه تستدل طريقها بطريقة طبيعية مغناطيسية .
الأمر ليس صعبا بل يحتاج فقط إلى أن ننفض الغبار عن ضمائرنا ، وأن يفتح كل واحد منا سجنه ليعلن إطلاق سراح حقيقة كل شيء .
وأول حقيقة يجب أن نفك أسرها هي حقيقة كوننا مؤتمنين على كتاباتنا
وعلينا أن ندرك حقيقة فعل الكتابة .
فالعلاقة ما بين القلم والورقة ليست كلمات بل هي حقائق نحاول تزييفها أو تزيينها ...