الحديث عن الصدف والبراءة وعالم التسويق والمال والمتع، في حالتنا الأردنية في الوقت الحالي، حديث ليس بريئا ولا بأي شكل من الأشكال، رغم كل ما يشاع عن مهرجانات يسعى الكثيرون لإقامتها للتسلية!
طرح مثل هذا النوع من المهرجانات، كالدعوة لمهرجان "البيجامات" في عنف العدوان الصهيوني على غزة، يدخل في سياق عدم البراءة وسوء التوقيت في أحسن الأحوال إذا ما افترضنا حسن النية التي يجب أن لا تكون في مثل هذه الأحوال، وخصوصاً أن هذا النوع من الاحتفالات والمهرجانات والرنات والطنات، شكل مدروس من أشكال الرأي العام الذي يدعو إلى صرف الانتباه عن القضايا المركزية التي تشغل بال الناس، وتأتي في ظروف تاريخية صعبة تمر بها فلسطين المحتلة، لذلك فالتبجح بالدعوة لهذا النوع من التبهرج مدان، ويحمل في طياته العديد من المخاطر، حتى لو كان المنظمون له لا يعرفون مخاطر ما يقومون به!
الشركة التي دعت لهذه المهرجانات عبر صفحاتها على الفيسبوك، لم تكن دعواتها بريئة، فقد جاءت الدعوة في ذروة تهديدات الجماعات السلفية المقاتلة، ما يفسح المجال لها لإطلاق المارد القاتل من قمقمه، فالفرصة التي أعطيت للجماعات التكفيرية، إذا ما تمت، ستكون فرصة ذهبية للولوج إلى أذهان الناس المهيأة لتقبل الأفكار المتطرفة، ولذلك ستلقى تأييدا جماهيريا منقطع النظير لأي عمل بشع يمكن أن تقوم به، خصوصا أن ماكينة هذه الجماعات عبر المنابر وغيرها سوف تؤكد على أن ما يدور في الأردن من فساد أخلاقي، والخروج على تعاليم الدين الحنيف، يستدعي التحرك لإنقاذ الناس من غضب رب الناس.
لقد فعلت حسناً وزارة الداخلية عندما لم تمنح ترخيصا لما يسمى بـ"مهرجان شرب الخمر"، فقد التقطت خطورة مثل هذه الدعوة للمهرجانات وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الأردن نتيجة للخطر الذي تمثله المجموعات التكفيرية.
ويبقى السؤال قائماً عن جدوى هذا المهرجان، وجدوى توقيته؟ ومن المستفيد من تأزيم الوضع الداخلي على المستوى الديني القيمي والأخلاقي للناس؟ من المؤكد أن الدعوة ليست بريئة في مثل هذا الواقع المحتقن، والذي يستفز مشاعر الناس، ليس الدينية وحدها، بل والاقتصادية؛ فالمواطن يعاني الأمرّين، من ارتفاع الأسعار والضرائب التي لا يعلمها إلا الله، فهو سيكون مليئا بالغضب والعنف عندما يرى البعض يقيم مهرجاناً للخمر وهو بالكاد يستطيع شراء قوت يومه.
الدعوات المشبوهة التي تطلق في مثل هذا الوقت، تعطي مشروعية للعنف وتقدم للتكفيريين فرصة ماسية سوف يستغلونها لخلق الفوضى والدمار كما في سورية والعراق.
(الغد)