بوساطة قطرية، تم إطلاق الصحفي الأميركي بيتر كيرتز الذي كان مخطوفاً لدى جبهة النصرة الإرهابية في سوريا منذ سنتين.
أميركا طلبت المساعدة من قطر، وقطر بدورها تفاهمت مع النصرة وتم إطلاق الصحفي المخطوف وحققت إدارة أوباما إنجازاً.
لماذا اختارت أميركا قطر بالذات للتوسط لدى جبهة النصرة؟ هل تم ذلك لأن أميركا لها دالة على قطر أكثر من غيرها، أم لأن أميركا تعتقد أن لقطر دالة على النصرة ولن ترفض طلباً من أحد مموليها الرئيسيين.
كيف تنظر قطر إلى هذه المأمورية التي قامت بها بنجاح؟ أغلب الظن أنها سعيدة لأن أميركا نفسها طلبت منها المساعدة، الامر الذي يؤكد دورها المعترف به في المنطقة وهو أغلى ما تملكه قطر وتحاول تعزيزه.
لكن هناك وجهة نظر أخرى لا تدعو للسعادة، فالعملية تدل على أن أميركا تعلم أن قطر تدعم جبهة النصرة وتمولها وبالتالي تمون عليها، خاصة إذا أخذنا بالاعتبار أن النصرة تمثل الفرع المعتمد من قبل تنظيم القاعدة.
من المؤسف أن صورة الصحفي الأجنبي الذي يعمل في المناطق الساخنة حول العالم، ويتعرض لأخطار شديدة، هي صورة مهزوزة ومحاطة بالشكوك، لأن بعض الدول تستخدم الصحافة كغطاء لجواسيسها، الأمر الذي يخلط الأوراق ويسيء إلى الصحفيين الشرفاء الذين يغامرون بحياتهم لينقلوا الخبر الصحيح من مسرح الأحداث كشهود عيان.
يقدر الخبراء أن الفدية التي طلبتها جبهة النصرة للإفراج عن صحفي أميركي لا تقل عن 100 مليون دولار، ومن المرجح أن المبلغ لم يأتِ من خزينة أميركا لأنها، رسمياً على الأقل، تأخذ بسياسة عدم دفع فدية وعدم التفاوض (علناً) مع الإرهابيين.
إذا صح أن قطر دفعت المبلغ، فيكون ثمناً لإنجاز هام لحساب أميركا قد يدفعها للتوسط مع السعودية والإمارات لتخفيف الضغط عن قطر، وربما إعادة السفراء واستبعاد إجراءات التصعيد المنتظرة.
سيمر وقت طويل قبل أن نعرف ما إذا كان بيتر كيرتز صحفياً شريفاً يتحمل أشد المخاطر خدمة لمهنته، أم أنه جاسوس مهمته جمع المعلومات لحساب وكالة المخابرات الأميركية.
المشكلة أن طبيعة عمل المراسل الصحفي والجاسوس متشابهة بل متطابقة، وهي جمع المعلومات وإرسالها إلى الجهة التي يمثلها.
(الرأي)