There Will Be Blood*
ستكون هناك دماء
19-03-2008 02:00 AM
رفقة جديدة فرضتها علي ظروف حياتي الحالية في العاصمة الروسية حيث أعمل الأن تتلخص بالقراءة اليومية لأغلب مقالات وتقارير الصحف اليومية الأردنية إضافة لمقالات موقع عمون الألكتروني.ولأنني لم أشترك بعد بخدمة الأنترنت في شقتي المستأجرة في موسكو فأنا مضطر للإطلاع عليها من خلال كمبيوتري في العمل وطباعة بعضها على ورق يرافقني في رحلة العودة الطويلة للمنزل في مترو ا|لأنفاق حيث تحاصرني عيون الركاب الفضوليين والذين يرون في شكل اللغة العربية لوحة تشكيلية على ما يبدو بينما أستمتع بسعة أفق حازم صاغية وعمق فكرة حسن البراري وذكاء إلتقاطة أحمد أبو خليل وروح تحدي ناهض حتر وسلاسة خطاب محمد أبو رمان وسوداوية الرومانس في تداعيات محمد طملية و تفجيرات إحتقان فهدالخيطان وسخرية أحمد الزعبي المتقنة.
هؤلاء وغيرهم هم رفقتي الجديدة في معتزلي الإختياري وهم بالعادة يغادروني بمجرد وصولي الى محطتي.إلا أنه وقبل أيام كنت قد طبعت من على موقع وكالة عمون لقاءا مع الدكتور مصطفى الحمارنة منشورا على صفحات مجلة اللويبدة وحسب الخطة اليومية فقراءة هذا اللقاء ستكون في المترو لكني لم أدرك أن رفقة الدكتور مصطفى ستقودني للضياع بالمعنى الحرفي وليس المجازي للكلمة.فلشدة إنشدادي لحديث الدكتور فوتت النزول في محطتي وأبتعدت حتى وصلت مكانا مجهولا مما إضطرني للبحث عن إستراتيجيات جديدة لتأمين عودتي ووصولي لبر الأمان.
هذه الحكاية أعادتني إلى فترة عزيزة على قلبي في مسيرتي المهنية المتنوعة حيث كنت قد كلفت من قبل إدارة التلفزيون الأردني وبالتحديد من قبل الدكتور مصطفى الحمارنة بوضع تصور جديد وهيكلية للبرنامج الصباحي "يوم جديد" تتناسب والرؤية العصرية التي أرادها الدكتور مصطفى لمرآة المجتمع الأردني المتمثلة بالتلفزيون شكلا ومضمونا.وقد أصبت حينها كما كثير من العاملين في المؤسسة بعدوى الروح القتالية التي تفيض من هذا الرجل الذي كهرب بحيوته وإندفاعه كل الأروقة والمتاهات فسرى تيار أيقظ البعض من كبوته وحذر أخر من تقاعسه وأعاد أملا لمحبطين وأشعل غيرة حقودين وخلخل إطمئان مستفيدين وخلط أوراق الإنتهازيين وشتت تحديق المراقبين ولفت إنتباه المتربصين.مشهد لا أظنه كان متاحا حينها لمعظم المنظرين والمحللين.ولأنني كنت قد أعتدت أن أحل ضيفا مكرما على التلفزيون بصفتي الفنية فقد ترددت في الخوض في معمعان التجربة في ظل هذه الأجواء المخيفة, لكن التيار المتدفق من أعلى النبع أخذ بطريقه خجلي وترددي ومزق أوهام "نجوميتي" وأنفتي ووضعني أمام تساؤل مصيري: إذا كان تحقيق الأفكار يتطلب بالضرورة خوض المعارك فهل إيماني كاف لأحارب ؟هل سيسعفني عقلي الإبداعي لأجد طريقي في أحراش المصالح المتضاربة؟ كان خيار خوض غمار التجربة "المعركة" يستند إلى وجود فارس مغوار على رأس هذا الفصيل, لكنه سرعان ما غادرنا مطعونا بالظهر من حلفاءه , حدث تسمّرنا نحن الجنود في مواقعنا متفاجئين ومتسائلين عن السبيل لإتمام المهمة بعد التيتم وباحثين عن إستراتيجيات الإنسحاب بأقل الخسائر.
أدرك الأن أن لا مجال للضياع طالما في القلب إيمان, وأدرك الأن أن شحنة الكهرباء من تيار تلك الفترة لا زالت تولد القدرة على التفكير والإبداع وإيجاد الطريق مهما تاهت الدروب.
وأدرك الأن أيضا أنه سيكون من العار على التاريخ أن لا يسجل على صفحاته سيرة ملحمة لا بد وأن يخطها هذا الرجل الذي يدعى الدكتور مصطفى الحمارنه.
*فيلم أمريكي حديث حصل على 8 أوسكارات.