نسب إلى الشيخ الجليل عبدالمجيد ذنيبات المراقب العام السابق قوله ان جماعة لا يعلمها الا الله إختطفت جماعة الإخوان المسلمين ،وفي هذا تحذير يستحق التأمل طويلا لسببين ، الاول أن الجماعة وعبر واجهتها السياسية حزب جبهة العمل الاسلامي ، هي التنظيم الابرز إن لم يكن الوحيد في الاردن الذي يمكن وصفه بالتنظيم الوافية شروطه الكيانية في مقابل احزاب سياسية لم تتمكن بعد من الترويج المؤثر لفكرها وبرامجها القادرة على إستقطاب العامة الى جانبها ، والثاني ان الجماعة وهذا هو الاصل ليست ملكا حصريا لاحد او جماعة بعينها ، وإنما هي نبت دعوي ديني يفترض ان يكون فكره ورؤيته متاحة للجميع مسلمين ومسيحيين عندما يتعلق الامر بواجهتها وحزبها السياسي ، وبغض النظر عن أصولهم وفصولهم ما داموا يؤمنون بفكر وبرنامج هذا الحزب .
عرفت الشيخ المحترم الذنيبات منذ سنوات قليله ،ودخلت معه في اكثر من نقاش حول الجماعة والحزب ، وقلت رأيي بصراحة تماما كما قلته لاعضاء قياديين في الحركة الاسلامية عندما كانوا اعضاء في مجلس النواب ، وملخصه انكم ً الاسلاميون ً ونحن جميعا مسلمون واسلاميون ، سعداء بأنكم معارضه حتى دون ان تكلفوا انفسكم عناء الحديث وتبادل الرأي مع غيركم وبالذات في هيكل السلطة الرسميه، وفي هذا تناقض تام مع اصل الدعوة التي على اساسها نشأت الجماعه ،فالاصل انكم تجادلون الآخر بالحسنى إن اردتم الاصلاح ، وإن لا يتوهم احد منكم او من سائر خلق الله سبحانه ان له حق الوصاية على الدين ، لا بل ان المنهج السليم في الدعوة الراشدة يقوم على تقديم القدوة الحسنة والأنموج الافضل كسبيل لاستقطاب القلوب اولا ثم العقول لاحقا .
وقلت للشيخ المحترم الذنيبات في حينه وبعد ان لمست ان في نفسه غصة جراء ما يجري داخل الحركه ، تكلم يا شيخ وقل رأيك بصراحة ووضوح داخل الحركه وخارجها فانت انسان صدوق وثقة ولا يمكن لاحد ان يشكك في رأيك فانت تريد الخير للحركة وصمتك انت وكثيرين غيرك ربما ، ليس في مصلحة احد ، لا الحركة ولا البلد معا ، لكن الشيخ كما يبدو آثر الصمت املا في ان تستقيم الامور ، وربما خشي من ان يفجر كلامه خلافات اكبر داخل صفوف الحركه ، وهذا رأيه وحقه إن كان الامر كذلك .
ثم ظهرت قضية زمزم وصرح الدكتور الغرايبه المحترم بذات السوية التي لمستها لدى الشيخ الذنيبات مع حرص واضح في عباراته كلها على سلامة المسيرة وعدم الاضرار بها ، واليوم نقرأ ككل الناس عن مغادرة قياديين محترمين لاجتماع انتخابي مهم للجماعة ، من مثل الدكتور عبداللطيف عربيات والشيخ حمزه منصور وسالم الفلاحات وابراهيم المشوخي وغيرهم ، وهؤلاء الافاضل قياديون مؤسسون للجماعه ما كان للاجتماع إنسانيا وتقديرا لشخوصهم ودورهم ان يستمر حتى وإن إكتمل نصابه .
نحن إذن بإزاء مشكلة إن لم تكن معضلة داخل الجماعة جرى السكوت عنها طويلا كما يبدو الى ان ضاقت نفوس قيادية كثيرة ولم تعد قادرة على تحمل المزيد ، ولهذا فنحن جميعا ننتظر الحقيقة كما هي في الاجتماع الاصلاحي القادم الذي اعلن الشيخ الذنيبات عن عقده في عمان لاحقا ، كي يعرف العامة اين المعضله ومن هي الجهة التي إختطفت الجماعة ولمصلحة من ولماذا وكيف ومتى بدأت جذور المشكله اصلا ، فإن كنا لا نأبه لحل حزب اوإندثار حزب آخر ، فإن الاردنيين جميعا ومن كل الاصول والمشارب لا يمكن ان يسمح احد منهم بإختطاف الجماعة من قبل اي كان ، وهم الذين يسجلون لها ومعها مواقفها مع الوطن وناسه في احلك الظروف قبل ان ينشأ حزبهاومنذ تأسيسها في عقود خلت ، ويترحمون على ارواح رجال قضوا بعد ان نشروا انبل القيم في الانتصار للاردن وانسانه ووجوده واحتضنتهم قيادته وشعبه كله تقديرا وعرفانا بمواقفهم ودورهم الراشد والواضح الذي لا لبس ولا ضبابية فيه .
لن نقول رأيا سلبيا في الجماعة ولا في اي من قياداتها الفاضلة الى ان نسمع الحقيقة كما هي في الاجتماع الاصلاحي القادم ، فهي لنا جميعا وليس لاحد حق مجرد التفكير في إحتكارها لذاته تحت اي ذريعة كانت ، والا فهي ليست جماعة اخوان على النحو الذي نعتقد ، وانما هي جماعة اخرى لها غايات نجهلها ، وهذا يطرح بالتاكيد تساؤلا مشروعا عندها عن مدى الالتزام بروح الدعوة التي تجمع ولا تفرق ، تصفح ولا تنتقم ، وتدعو لنشر الفضيلة والتآخي بين الناس ، وتنبذ كل دعوة لفرقة او إنقسام وفق شرع الخالق العظيم سبحانه لا اجتهاد بشر قد تأمره النفس بسوء لا قدر الله .
وقبل ان يذهب احد الى إعتباري واحدا ممن يصفونهم بكتاب الحكومات او التدخل السريع ، فاذكرهم بانني قد كتبت مادحا مواقفهم من الانفلات الاجتماعي وان بعضهم زاروني وشكروني وسلموني رسالة شكر من الامين العام في حينه ، وما قلته اليوم هو بدافع البحث عن الحقيقة والحرص على سلامة النهج ، خاصة وان الخلافات قد ذهبت حتى الى الحديث عن تنظيم سري داخل الجماعة ، وتلك أمور يجب ان تنجلي تماما لشعبنا كله ولمنتسبي الجماعة والحزب على وجه الخصوص .
اسأل الله جلت قدرته ان يهدينا جميعا سواء السبيل في قول الحق ، وان يجنب بلدنا العزيز الذي لا ظل لنا بعد ظل الله ظلا سواه ، كل الشرور ، وان يجمع كلمتنا كلنا على هذه الارض المباركة
من اجل خيرنا وخير ديننا العظيم ، وان يعمق حبنا واخلاصنا لبلدنا في هذا الزمن العصيب الذي يتهددنا كلنا بالخطر إن نحن خرجنا عن جادة الصواب لا قدر الله ، فالاردن اليوم ، واليوم بالذات ، امانة في اعناقنا جميعا ، وما اصاب بل خاب من ضيع الامانه . والله من وراء القصد .