صندوق النقد الدولي ينتقد عدة دول شرق اوسطية من بينها الاردن، لكونه يدعم سلعاً كثيرة وفقا لمنطوق البنك، ويحث هذه الدول على تحرير الاسعار ورفع الدعم.
يأتي هذا الكلام بعد ايام قليلة من اشهار ارقام رسمية تقول ان الدعم في الاردن يكلف الخزينة اكثر من ملياري دينار، وتم تصنيف الفئات التي تستفيد من الدعم، والتصنيف يقول انه مقدمة لالغاء الدعم عن بعض الفئات التي تراها الخزينة لا تستحق الدعم وفقاً لرأيها.
قبل كل هذا ارتفعت ارقام العجز والمديونية، وكل الجهات تصيح جراء اثقالها واحمالها، من الكهرباء، وصولا الى بقية الجهات، والامر ليس جديدا، لان التذمر عنوان الافراد والمؤسسات.
القطاع الخاص في الاردن مثقل ويتراجع يوما بعد يوم، جراء مشاكل كثيرة، من كلفة الانتاج، مرورا بالايجارات، والضرائب، وهو قطاع كان مفترضا، ان يكون بديلا كاملا عن القطاع العام في التشغيل واستيعاب كل الخريجين.
ذات السياسات الاقتصادية ضربته، وهزت اركانه وجذوره، وهو اليوم يعاني من مشاكل كثيرة، اقلها كثرة اغلاق مؤسسات القطاع الخاص، وانتهاء مشاريعها.
هناك عقدة اقتصادية كبيرة في البلد، لايتم حلها حتى الان، وهي تزداد تعقيدا، خصوصا، مع ضآلة فرص العمل، وقلة الرواتب.
لايمكن هنا، الا ان نقول بكل صراحة ان الاردن تحول الى بلد فقير جدا، فوق فقره، والناس فيه التحقوا ببنية اجتماعية جديدة لم يألفوها، سابقا، وبمعايير غير معتمدة اجتماعيا، وان الاستسلام للعاصفة الاقتصادية، بات الخيار الوحيد هذه الايام.
هذا يعني اننا نتحول تدريجيا الى اشكال شبيهة بدول عربية استسلمت امام الفقر وتركته لينخر كل الاسس الاجتماعية والسياسية، ويعيد تشكيل بلادهم، بطريقة جديدة، وامامنا الف دليل على التغيرات الاجتماعية، وهي ليست بحاجة الى شرح.
خلاصة الكلام اننا نفهم كل هذه الاشهارات الرقمية المتتابعة باعتبارها توطئة لقرارات جديدة، لكننا نسأل بصوت عال، لماذا لا نرى قرارات إيجابية ايضا، تبدع حلولا للاقتصاد، ولحياة الناس.
اغلب الناس يواجهون وضعا صعبا، لولا دخل مرتفع، او غربة، او عقار، وننسى هنا الحقيقة الاهم، فشعبنا غير مكسور الشوكة، ولم يتم كسر شوكته تاريخيا.
هذا يفسر عزة النفس والانفة في الشخصية الاردنية، لكننا نرى اليوم بكل بساطة اذابة لهذه الشخصية تحت وطأة الحاجة المالية، وهذا أمر خطير جدا، وكلفته مرتفعة على الجميع.
الفقر لا يليق بأي إنسان في الكون، وهنا لا يليق بنا أبداً أبداً!.
(الدستور)