صحافة الكترونية بعد قانون مطبوعات سيىء*
هاشم الخالدي
09-03-2007 02:00 AM
ليعذرني الزملاء المشرفون على موقع (عمون) الالكتروني الذي اكن له كل الاحترام لسقف الحرية اللامحدود فيه ، اذا ما سمعوا ذات يوم انني اتجهت وغيري الى تأسيس موقع مماثل بسقف حرية لا يخضعني الى عقوبة الحبس حسب الفقرة (د) من قانون المطبوعات الجديد الذي اقره مجلس النواب مؤخراً ولا يجبرني على دفع غرامات تصل الى عشرين الف دينار اذا ما خالفت نص المادة (43) او (47) او حتى المادة (5) و (7) من قانون العقوبات.ربما لا يعلم السادة النواب انهم باقرارهم للقانون الجديد قد فتحوا اعين الصحفيين على امور وقضايا اخطر بالف الف مرة من الصحافة المكتوبة ، وهي الصحافة الالكترونية التي بدأت تأخذ مكان الصحافة المكتوبة شيئاً فشيئاً ، حتى ان موقع مثل (هفنغتون بوست) مثلاً الذي اسسته (اريانا هفنغتون) منذ سنتين في اميركا اصبح ينافس (الواشنطن بوست) على سبيل المثال ، وقصة انشاء هذا الموقع الالكتروني (للعلم فقط) يعود للحملة التي قادتها (اريانا هفنغتون) لازاحة ارنولد شوازنجر من حاكميه كاليفورنيا لكنها لم تفلح ، فرصدت مبلغ مليوني دولار لانشاء الموقع واتخذت موقعاً وسط منطقة (سوهو) ليتحول الموقع الى موئل للصحفيين والقراء حيث اصبح يسجل عدد زوار يتجاوز الثلاثة ملايين زائر شهرياً واكثر من ثلاثين مليون صفحة رأي.
يمكنني ويمكن لغيري بكل بساطة ان يحجز مساحة على الانترنت ما يسمى (Domin name) من شركة خارج الاردن بسعة (GB003) وبسعر قد لا يتجاوز (144) دولارا وبتكاليف سنوية قد لا تتعدى الـ (1000) دولار عدا عن ملاليم قد تدفع شهرياً لعملية الـ (Up date) او ما يسمى تنزيل الاخبار الجديدة على الموقع ، وعندها لن يستطيع احد منع اي خبر من النشر ولا ايقاف بث الموقع عبر الـ (Broxy) الا بعد جهود دولية قد تستلزم سنوات من البحث للاستدلال على الشركة التي قامت بحجز المساحة لهذا الموقع على الانترنت لمحاولة الضغط عليها... ونادراً ما تستجيب اي شركة لهذا المطلب.
اريد من السادة النواب ان يجيبوني على سؤال واحد. لو ان واحداً ما قد قام بتأسيس مثل هذا الموقع فشتم وقدح وتجاوز كل معايير المهنية والصحفية والصق مئات التهم بهم ، هل يستطيعون حبسه استناداً لقانون المطبوعات الجديد بكل فقراته وغراماته الهائلة ، الم يعلم السادة النواب ان اقرارهم لهذا القانون (المجحف) سيؤدي الى انفلات عقال الصحافة المكتوبة والاتجاه نحو الصحافة الالكترونية التي لا يوجد في الاردن او في معظم دول العالم قوانين تعاقبها او قوانين تحد من حريتها.
قبل ايام كنا امام فرصة حقيقية لترسيخ رؤى ما اراده جلالة الملك عندما تحدث معنا في منزل الصديق معالي (ناصر جودة) طالباً منا حرفياً ان نكتب عن التجاوزات وعن الوزراء وان ندفعهم للعمل لانه يؤمن كما يؤكد دائماً بحرية سقفها السماء لصحافة مسؤولة ، لكننا اليوم فقدنا هذه الفرصة عندما اصر السادة النواب على تكميم افواهنا وحبس حرياتنا عندما اقروا قانوناً وجه ضربة قاصمة لحرية الصحافة في الاردن وبشكل غير مسبوق منذ عودة الديمقراطية في الاردن عام (1989).
جلالة الملك.. رجل فاق التوقعات في ديمقراطيته وفكره النير الذي يؤمن بحرية الصحافة ، لذلك لا عجب.. اذا انتصر لنا.
hashem2007@yahoo.com
الكاتب رئيس تحرير اسبوعية المحور