الضمير يعني استعداد النفس البشرية لأدراك الخبيث والطيب من الاعمال والاقوال , بلوالافكار ايضا , والتفرقة بين ما هو حسن منها او قبيح ,واتيانه بقناعة دون الخشية من قانون وضعي .
الضمير يولد معنا بالفطرة , لذا فهو يعد نتاج نشأة واثر تربية ,فالضمير شأنه شأن الوليد الذي يحتاج لان يحيا في بيئة صحية وصالحة , فاذا نما على هذا النحو صار كيانا ذا اثر في حياة الفرد وسلوكياته , فيضع على النفس سياجا يعصمها من اقتراف الخطأ والخطيئة .
كما انه اذا صلحت ضمائر الافراد في الامة , فانه يصب في ضميرها العام , ولا ننظر الى الضمائر فرادى وانما نتحدث عن ضمير امة بأثرها , ونحكم بمدى صلاحه من اعوجاجه لأن بين الحقيقة والزيف خيط رفيع اسمه الضمير .
هذا الخيط عجز المتخصصون في علم الخيوط ان يجدوا طريقة لكي يرونه بوضوح .
هل الانسان يقع في المنتصف بين الحقيقة والزيف ؟
يبتدئ الضمير الحي في الخفاء اكثر منه في العلن ويعتبر ضميرا مستترا .
قد يتصنع الانسان حرب الضمير امام الناس , لكنه اذا ما اختلى بنفسه , تجرد من هذا السياج الحاكم وصار لا يلوى على شئ من وازع ولا رادع .
اذا كانت الرسالات السماوية كلها بما تدعو اليه من فضيلة , قد عنت بالضمير المتمثل في القول والسلوك في اطار( افعل او لا تفعل ) فان تربية الضمير قد لا ترتبط بالاديان ايضا , وآية ذلك ان هناك شعوبا وامما لا تنتمي لأية اديان سماوية , ولكنها تملك ضمائر حية , كان رائدها في التحضر واعلاء الشأن .
لننظر الى اليابان , تلك الدولة التي تمتلك ضميرا عاما يضرب به المثل في القول والسلوك وكذلك الصين وبعض دول شرق آسيا التي بلغت نواصي العلم وبلغت في دروب التقنية شأنا عظيما .
الضمير يعتبر القاطرة الرئيسية في نهضة الامم ونمو اقتصادياتها , والعنصر الاهم الدائم من عناصر الدخل السلبي وغير المرئي فيها .
آخذا بالقول ان معظم النار من مستصغر الشرر .
شهادة الحق تنبع من الضمير وكذلك نصيحة الاخرين , فالمأكل والمشرب والنظافة في الجسم والملبس والبيئة والذوق والتأدب مع الآخرين , وايثار الاخرين على النفس , والكلمة اذا كتبت او قبلت فهي عين الضمير وتصدر عن ضمير حي .
الضمير هو عنوان نهضة القلب وفيه يحيا الجسم ويستقيم وهو شعلة وقادة داخل الانسان يهذبه بالعمل الصالح .
يعرف الضمير ايضا بانه قدرة الانسان على التميز بين الصواب والخطأ والحق والباطل , ويقود للشعور بالندم عندما تتعارض الاشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الاخلاقية التي تربى عليها وتعلم , والى الشعر بالاستقامة او النزاهة عندما تتفق الافعال مع القيم الاخلاقية , وهنا قد يختلف الامر نتيجة اختلاف البيئة او النشاة او مفهوم الاخلاق لدى كل انسان .
هل الدول العظمى التي تسيطر على مقدرات الشعوب الاخرى وتمتص دماءهم وتدمر بنيانهم وتفتت اراضيهم وتقسم شعوبهم وتهجرهم وتقتل اطفالهم وشيبهم وشبابهم ,
هل لديهم ضمير ام ان ضميرهم غائب ؟
ضمائر البشر تختلف لكن يتفق الاغلبية منهم على فعل الخيرات وترك المنكرات ونبذها من مجتمعنا .
الضمير لا يتناول الماضي فحسب بل الحاضر والمستقبل .
لكن المشكلة تتولد عند غياب الضمير او موته .
حالات موت الضمير الانساني كثيرة , بعد ان غاب عن بعضنا ان ما يميز الانسان عن غيره من الكائنات الحيه هو امتلاكه لضمير , يفترض ان يكون دليله ومرشده ورقيبه الداخلي على الصعيد الاخلاقي والانساني .
فموت الضمير وغيابه عن الافراد والدول يعني اننا انتقلنا من رحلة الانسانية الى الحيوان البيولوجي الذي يحمل شكل انسان .
ان ايكال الامور الى غير اهلها يدخل في باب موت الضمير والاخلال بامانة المسؤولية.
ليس هناك مستحيلا اطلاقا , فمتى ما صلحت النوايا وتضافرت الجهود من قبل المخلصين غير الباحثين عن مصالح ذاتية ضيقة , ستعود الروح والحياة الى الضمائر التي ماتت , خدمة للاخرين لان الضمير الانساني هو الذي يدفعنا نحو الاعتناء بانفسنا والاخرين وهذا الضمير هو الضمير الحي الذي يقودنا للعمل الافضل والتطوير
وبناء الانسان وبناء امته لتفيق وتعمل الخيروتعكسه على كافة الافراد والاجيال .