الموقف العربي والدولي من سوريا يشهد تغيراً جوهرياً إن لم يكن انقلابياً، وعلينا أن نأخذ هذا التغيير بالحساب عند إقرار موقفنا تجاه سوريا، فمصلحتنا تقتضي المراهنة على الحصان الرابح لنسهم في الربح، بدلاً من المراهنة على الحصان الخاسر ومشاركته في الخسارة. السؤال الآن من يربح سوريا: العرب والعالم المتحضر أم داعش والنصرة وإخوان اسطنبول.
هيلاري كلينتون اتهمت الرئيس الأميركي باراك أوباما بان سياسته هي المسؤولة عن خسارة سوريا، والمقصود أنه لم يأمر بإطلاق الصواريخ على نظام الأسد لحساب المعارضة. هذا الموقف الشاذ من السيدة العجوز لا يفسره سوى تصريح أوباما بأن نائبه جو بايدن سوف يكون رئيساً رائعاً، أي أنه يؤيد ترشيحه في الانتخابات الرئاسية القادمة، مما أثار هيلاري التي تعتبر نفسها المرشحة المضمونة للحزب الديمقراطي.
المحور العربي الصاعد الذي يشمل مصر والسعودية والإمارات يعطي الأولوية لمحاربة مشروع الدولة الإسلامية (داعش) وبذلك يجد نفسه في خندق واحد مع النظام السوري.
أميركا والدول الغربية تتوجس خيفة من الإرهاب القادم بعد أن اتضح أن هناك آلاف (المجاهدين) من حملة الجنسيات الأميركية والأوروبية الذين سوف يعودون إلى بلادهم بعد أن أصبحوا إرهابيين محترفين، وبالنتيجة فإن المخابرات الأميركية والأوروبية أخذت تتعاون رسمياً وعلناً مع المخابرات السورية للكشف عن هؤلاء باعتبارهم العدو المشترك.
أميركا أعلنت أن داعش سرطان يجب استئصاله، والعالم اعتبر داعش والنصرة منظمات إرهابية خطرة يجب محاربتها، وبذلك يجد الغرب نفسه - شاء أم أبى- في خنذق واحد مع النظام السوري في تحالف غير مكتوب.
لم يعد هناك مجال للتعلق بما يسمى المعارضة المعتدلة الممثلة بالجيش السوري الحر، فهذه (المعارضة) تثير السخرية، ولا تستطيع جهة جادة أن تراهن عليها، فهي مؤسسة إعلامية وسياحية تعيش في فنادق اسطنبول وتشهد صراعات وانقلابات متواصلة.
العرب والغرب أصبحا عملياً في خندق النظام السوري، يحاربان عدواً واحداً هو المنظمات الإرهابية، وقد فطن المحللون الأميركان متأخرين إلى حقيقة أن النظام السوري يسيطر على أكثر من نصف الأراضي السورية، وثلاثة أرباع الشعب السوري، وأن معظم دول العالم تعترف به، فلم يفقد شرعيته كما إدعى اوباما يوماً ما.
(الرأي)