أغبياء يهددون حياة الأبرياء
فهد الخيطان
25-08-2014 03:41 AM
من بين آلاف المقاتلين في صفوف تنظيم "داعش"، نسبة لا يستهان بها من مسلمين وعرب يحملون جنسيات غربية.
السلطات الفرنسية، على سبيل المثال، تقدر وجود نحو 900 فرنسي في صفوف "داعش"، ومثلهم أو أقل من بريطانيا وبلجيكا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة، وغيرها من الدول.
وأمس، كشفت تقارير صحفية بريطانية هوية البريطاني الملثم الذي تولى قطع رأس الصحفي الأميركي جيمس فولي، وقالت إنه من أصل مصري، ووالده أحد المتهمين الرئيسيين بتفجير السفارة الأميركية في نيروبي.
في الأشهر القليلة الماضية، تنامى القلق الغربي من خطر "داعش" على أمن الدول في أوروبا وأميركا، وسارعت حكومات غربية عديدة إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لاحتواء ظاهرة الجهاديين، وتتبع من التحق منهم بالمنظمات الإرهابية في سورية والعراق.
ولاحقا، أقرت أجهزة الأمن والاستخبارات الغربية بأن تنظيم "داعش" أصبح خطرا يهدد دولهم. ومبعث القلق هو الخطورة التي يشكلها هؤلاء في حال عودتهم إلى بلادهم، بعد فترات طويلة من القتال في صفوف جماعة تصنف على أنها الأشد تطرفا في العالم.
إن السؤال المحير هو: ما السبب الذي يدفع بشاب عاش وتربى في بريطانيا إلى الالتحاق بتنظيم يتبنى أفكارا بدائية، ويرتكب أعمالا همجية، لا بل وإن هذا الشاب يشارك بنفسه في جرائم جز الرقاب بالصورة الوحشية والمقززة التي شهدناها في فيلم الصحفي جيمس فولي؟
لقد دفع ملايين العرب والمسلمين ثمنا باهظا لأفعال "القاعدة" وعملياتها الإرهابية في نيويورك ولندن ومدريد، وتحولوا إلى جالية مشبوهة، وخسر كثيرون مثلهم فرصة التنقل والسفر بحرية إلى الدول الغربية.
مرت أكثر من عشر سنوات على تلك الأعمال الرهيبة، وما تزال الجاليات العربية والمسلمة تعاني من الصورة النمطية الظالمة، وقبل أن تتمكن من التعافي من آثارها المدمرة، ظهر "داعش" ليعيدنا إلى المربع الأول، بفضل مئات الشبان المهووسين من أبناء الجاليات.
إنه لأمر يثير الاستغراب حقا؛ فالمئات من الشبان العرب والمسلمين يقطعون البحار في رحلة غير شرعية لوصول شواطىء أوروبا، أملا بفرصة لحياة أفضل هناك. وما إن تستقر حالهم وينالوا حقوقهم بالجنسية والعمل، حتى ينقلبوا على تلك المجتمعات، ويسعوا إلى فرض قيمهم عليها.
ومع مرور الوقت، يزدادون تطرفا وعزلة، فتنتهي بهم الرحلة إلى حضن التنظيمات المتطرفة. لم نسمع عن شاب عربي حاول السفر إلى غزة مثلا لقتال إسرائيل؛ جلهم كان يرحل إلى أفغانستان وباكستان في السابق، واليوم إلى سورية والعراق، للانخراط في حرب أهلية دامية وعبثية.
لا تقنعني التبريرات التي تحمل المجتمعات الغربية المسؤولية عن ظاهرة التطرف في أوساط الشباب العربي والمسلم. صحيح أن سياسات بعض الحكومات الغربية مجحفة أحيانا، لكن مقابل ظاهرة المتطرفين هناك آلاف من شباب الجاليات الذين نجحوا في التكيف مع القيم الغربية، وقدموا نماذج مشرفة في النجاح والتميز، ولم نسمع أن أحدا قد اضطهدهم أو حاربهم.
وإذا كان البعض يعاني فعلا من التمييز والإقصاء في الغرب، فهل الحل هو "داعش"؟!
الجاليات العربية والمسلمة في الغرب ستواجه أوقاتا صعبة مع صعود ظاهرة المتطرفين بينهم، وسيدفع الأبرياء ثمن أفعال الأغبياء.
(الغد)