من التبعية إلى الاستقلالية
جمانة غنيمات
24-08-2014 04:14 AM
ينتظر الأردن مراجعة خامسة لبرنامجه المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل.
وتشير التوقعات إلى أن الحكومة لن تكون أنجزت التزاماتها مع الصندوق بحلول موعد المراجعة الاعتيادية، خصوصا ما يتعلق بإقرار قانون الضريبة الموجود اليوم بين أيدي النواب.
تأخّر إقرار القانون ودخوله حيز التنفيذ سيرتب انخفاضا بإيرادات الخزينة يقدر بحوالي 180 مليون دينار، ويتوقع أن يطلب الصندوق من الحكومة تحصيل المبلغ بغض النظر عن القنوات والهدف للوقوف عند مستوى محدد لعجز الموازنة.
خبرة التعامل مع الصندوق تاريخيا، تكشف أن الصندوق كان يُلزم الحكومات بتحصيل الإيراد المقدر من قبله، وهو ما يضع حكومة الدكتورعبد الله النسور أمام اختبار صعب، وهي المتهمة دوما بالجور على جيوب المواطن باتخاذها إجراءات صعبة بفرض رسوم أو ضرائب إضافية استجابة لاشتراطات المؤسسة الدولية.
الحكومة ومنذ أشهر تسعى للتخلص من وصف حكومة الجباية بعد أن اتخذت سلسلة من القرارات الصعبة خلال العامين الماضيين لمعرفتها التامة بمستوى الضرر الذي أوقعته على معيشة الناس، وهي تعلم ذلك جيدا، وتدرك أيضا أن مفعول خططها في تنشيط الاقتصاد وتحريك عجلته محدود نتيجة الظروف الإقليمية، وآخرها ما يحدث في العراق، وتأثير ذلك على ميزان العجز التجاري نتيجة تراجع الصادرات للسوق العراقية والمقدرة بحوالي 800 مليون دينار سنويا.
مشكلة الحكومة مع الصندوق تتفاقم في ظل تأخر إنجاز مشاريع الطاقة أيضا، الأمر الذي يعني استمرار ارتفاع فاتورة الطاقة التي زادت بنسبة 28 % خلال الفترة الماضية، وما لذلك من أثر سلبي على الميزان التجاري وميزان المدفوعات، ومؤشرات الدين العام وعجز الموازنة العامة.
فقطاع الطاقة وأزمته سبب رئيسي في مشكلة الأردن المالية، وتتعقد أكثر نتيجة التخبط الذي يسيطر على إدارة هذا الملف، بدليل إلغاء المرحلة الثانية والثالثة من مشاريع الطاقة المتجددة، وتأخّر الاتفاق مع الاستونيين على استثمار الصخر الزيتي، وتأثير ما سبق على سمعة الأردن الاستثمارية، عدا عن تأخر إنجاز ميناء الغاز الذي يفترض أن يكون جاهزا العام الحالي، لكنه ما يزال يحبو في خطواته الأولى.
بعيدا عن الصندوق واشتراطاته، يبدو الوضع المالي السيئ أكثر ميلا للتراجع، لأسباب تتعلق بعوامل داخلية ترتبط بشكل وثيق بإدارة الحكومة لملفات اقتصادية تشريعية، وتنصّلها من الإصلاح الحقيقي لتشوهات الإنفاق العام، عدا عن المعطيات الصعبة التي تحيط بالأردن، ما يضع البلد أمام سيناريوهات صعبة لمستويات الديْن والعجز، بشكل لا تقدر الموارد المحلية المتواضعة على تقليصها.
أمام متطلبات الاتفاق مع الصندوق الصعبة، ستقف الحكومة في مواجهة خيارات صعبة، تتعلق باتخاذ قرارات جبائية، لكن عليها أن تحسب قبل كل خطوة قدرة المجتمع على تحمل تلك القرارات، والإجابة واضحة، اذ لم يعد بإمكان الأردني تحمل أية نفقات إضافية، نتيجة العبء المرتفع للضريبة نسبة إلى دخله ونتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة.
أية مبررات مستقبلية من الحكومة للإقدام على خطوات غير شعبية، لن تكون مقبولة من المجتمع الذي يتلقى الضربة تلو الأخرى منذ سنوات، دون أن ينمو دخله بشكل ملموس، وعلى الحكومة هذه المرة أن تبتعد عن الحلول التي تمس جيوب المواطن، لتتجنب التبعات السلبية على المزاج العام.
على كلٍّ، مشاكل العام الحالي، قد تجد حلها في المساعدات العربية المنتظرة، والتي يتوقع أن تتسلمها الخزينة، في الفترة المقبلة، لتبقى الإشكالية والتحدي الحقيقيان، كيفية إخراج الاقتصاد من الاعتماد على الغير إلى الاستقلال عن الآخر، بكل الاتجاهات؟؟.
(الغد)