لا قناعة في جدية الادارة الاميركية (والاوروبية) ازاء داعش, وامتدادها في شمال غرب العراق وشمال شرق سوريا. وحين يركز الرئيس اوباما على داعش العراقية باعتبارها المسؤولة عن ذبح الصحفي الاميركي فاولي, فإنه ينسى عملياً أن الصحفي تم احتجازه في سوريا, وأن حامل السكين البريطاني لم يشر من قريب أو بعيد الى المسلخ.. في العراق أو في سوريا!
حدود الاشتباك الاميركي مع داعش, هي الصورة الاقرب للاشتباك مع نظام معمر القذافي في ليبيا: التدمير من الجو, واعطاء الفرصة للمسلحين المحليين. وحين ينهار نظام الطاغية, فإن الوارث هو مجموعات من الطغاة في شكل ميليشيات الكل فيها يحارب الكل!
.. طبعاً, هناك حلفاء اميركا في كردستان العراق سيتسلحون, وسيقومون بدور القوات الارضية التي تتصدى لداعش. لكن الباشمرجة ليست قادرة وحدها. فداعش المقاتلة ليست داعش المعلنة وطالما أن جيش المالكي ما يزال هو الميليشيا الطائفية فإن الجميع: العشائر, والنقشبندية, والبعثيين وضباط جيش صدام.. كلهم سيقاتلون مع داعش وقد شاهد العراقيون ذلك بوضوح لدى مهاجمة الجيش, ومتطوعو الاحزاب الشيعية عاصمة محافظة صلاح الدين تكريت. اذ وقف الجميع في وجه الهجوم, وافشلوه. ويقول مراقبون نثق بصدق اخبارهم ان مجرد وجود ميليشيات الصدريين مع قوات الجيش, كان كافياً لوقوف الجميع وراء.. داعش!
تركيز الادارة الاميركية على تصفية داعش في العراق, و»تطنيشها» لداعش السورية, هو الدليل على عدم وجود سياسة جدية لاميركا في المنطقة. وهذا لا يمنع ان يبدأوا من جديد, مع أن اوباما يشدد كثيراً على الحلفاء في المنطقة, وهذا حق. فلماذا تتصدى اميركا وحدها الى مواجهة خطر من الشرق الاوسط, وعلى ارض الشرق الاوسط؟ ومنذ متى كانت لاميركا مصالح نفطية في العراق؟ وهي تستطيع أن تقول أن مصالحها النفطية في الخليج العربي محمية بقوة عسكرية اميركية جاهزة.. وهذا يشكل استمراراً لاستراتيجية اميركية منذ عام 1982, بالمبدأ الذي اعلنه جيمي كارتر.. مباشرة بعد الثورة الايرانية!
بالنسبة لداعش السورية, لم تجد الادارة الاميركية نفسها كما يقول الرئيس اوباما:.. بين مجموعات ارهابية وطاغية!! فأميركا لا تريد ان تحارب معركة الاسد, ولا تريد أن تتحالف معه, وتخوض حرباً لا تقل شراسة في الجزيرة السورية, عن الحرب في الموصل ونينوى وصلاح الدين!! واخبار دمشق تنفي القصف «الناجح» للرقة على انه قصف جوي اميركي, وتقول إنها طائرات السوخوي الجديدة الروسية, المجهزة بوسائل الدقة الشديدة في اصابة الاهداف.. وكأنها تقول إن قصف الغوطة وحلب وحماة وادلب بالبراميل.. كان على قدر الطيران المتخلف الذي بقي لسوريا منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي دون تجديد!!
لا ينتظر أحد جديداً على المسرح السوري, سوى الخبر المتواضع عن مصالحة «قدم دمشق» بين الناس وأمن النظام, وازالة السواتر الترابية واختفاء المسلحين, وانسحاب حواجز الجيش من هذا المدخل الذي يعرفه الاردنيون.. زائرو دمشق باعتباره مدخل المدينة العظيمة!! فمثل هذه المصالحة يمكن مدّها لتشمل الغوطة والحرمون وحمص وحماة وحلب ودير الزور.. وكل سوريا.. والبدء من جديد بانتخابات نزيهة بعد عودة ملايين السوريين الى بيوتهم وملايين اللاجئين الى وطنهم!!
(الرأي)