هل نشهد صفقة مماثلة في سورية؟
فهد الخيطان
23-08-2014 07:15 AM
ما إن أعلن الرئيس العراقي فؤاد معصوم تكليف حيدر العبادي بتشكيل حكومة جديدة، حتى بدأت القاذفات الأميركية بتكثيف قصفها لمعاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في النواحي المحيطة بإقليم كردستان ومدينة الموصل.
وفي خط مواز، انهالت المساعدات العسكرية من قبل الدول الغربية على قوات البشمركة، وتدفقت المساعدات الإنسانية على النازحين في الإقليم.
كان واضحا منذ البداية أن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، هو العقبة الكبرى التي تحول دون تدخل دولي فاعل لمساعدة العراقيين ضد "داعش". لم تخف الولايات المتحدة هذا الأمر، وصرح كبار مسؤوليها أكثر من مرة بأن الدعم الأميركي مرهون بتقدم العملية السياسية وتشكيل حكومة عراقية جديدة تحظى بالتوافق. وماكان لمثل هذا التوافق أن يتحقق في ظل وجود المالكي. رحل المالكي بعد أن قاوم لأسابيع ضغوط الداخل والخارج، لكن في لحظة توافق نادرة بين الخصمين اللدودين؛ إيران وأميركا، وجد المالكي نفسه خارج اللعبة.
وفي غضون أيام قليلة، تمكنت قوات البشمركة، مدعومة بالطيران الأميركي، من دحر "داعش" على أكثر من محور، واستعادة السيطرة على سد الموصل الاستراتيجي، واستعادة عدة بلدات حوله.
التدخل الأميركي لن يقف عند هذا الحد؛ فقد أعلن الرئيس الأميركي عن خطة بعيدة المدى لمواصلة ضرب مواقع "داعش"، وحشد القوى الحليفة في المنطقة. المعركة الكبرى ستكون في مدينة الموصل؛ فمن دون استعادتها سيتبخر الجهد الدولي بمجرد توقف القصف الأميركي.
المعركة مع "داعش" في العراق طويلة، كما يؤكد الخبراء العسكريون، لكن انفراج الأزمة السياسية في بغداد يمنح القوى المنخرطة في المواجهة زخما كبيرا. ولذلك، لا بد من الإسراع في تشكيل الحكومة العراقية، وكسب دعم القوى السياسية والاجتماعية السنية، والتي من دونها لا يمكن تحقيق النصر الكاسح على "داعش".
إن مناخ التهميش والإقصاء لمكون عراقي أساسي، ساهم إلى حد كبير في خلق بيئة حاضنة للقوى المتطرفة. "داعش" تغذى على سياسات المالكي تجاه السنة في العراق، وينبغي تغيير هذه السياسة بشكل جذري لقطع شريان الحياة عن المتطرفين.
بيد أن الصفقة الأميركية الإيرانية في العراق فتحت شهية المحللين للسؤال عن الفرص الممكنة لصفقة مشابهة في سورية، تمنح القوى الدولية والإقليمية المشروعية السياسية والأخلاقية لاستكمال الحرب على "داعش" في الجزء السوري.
يجمع المراقبون على أن الانتصار على "داعش" في العراق ليس مضمونا دون مواجهة التنظيم في سورية، حيث تمتد سيطرة عناصره على منطقة جغرافية واحدة ومتصلة داخل أراضي البلدين.
الولايات المتحدة ليس بمقدورها أن تقوم بخطوات عسكرية ضد "داعش" في سورية من شأنها أن تخدم في نهاية المطاف النظام السوري. لكن قلق واشنطن من نفوذ المتطرفين في المنطقة بلغ أوجه.
وقد تأكد أخيرا أن الإدارة الأميركية أرسلت جنودها بالفعل إلى سورية في محاولة فاشلة لتحرير رهائن أميركيين قبل أسابيع.
لقد كثف النظام السوري من قصفه لمواقع "داعش" في الأيام الأخيرة، وبالتزامن مع القصف الأميركي في العراق. ليس مؤكدا إن كان هذا التطور منسقا بين البلدين أو عبر الوسيط الروسي كما قيل. لكن أيا كانت الظروف، فإن واشنطن لن تقدم على عمل عسكري مماثل في سورية من دون ثمن سياسي على غرار ما حصل مع المالكي في العراق.
هنا يدور الجدل حاليا؛ هل يمكن أن نشهد صفقة أميركية إيرانية في سورية تعيد إنتاج النموذج العراقي؛ يتم بموجبها الاتفاق على وضع انتقالي في سورية، يمهد لتوسيع نطاق العمليات العسكرية ضد عدو مشترك لواشنطن وطهران؟
لا توجد مؤشرات على مثل ذلك حتى اللحظة، لكن النجاح في العراق إن تحقق سيغري الطرفين بتكراره. حليفا النظام السوري؛ روسيا وإيران منهكان بأزمات كثيرة، وإذا كان بالإمكان التوصل لصفقة في سورية تحفظ مصالحهما، وتضمن دورا أميركي فعالا في الحرب على "الدولة الإسلامية" المتطرفة، فما المانع؟
(الغد)