تذكرت أجواء الثقة النيابة وأنا اقرأ نتائج استطلاع المئة يوم على حكومة المهندس نادر الذهبي، فخلال مناقشات الثقة وضع أصدقاء الحكومة أيديهم على قلوبهم خشية المبالغة في "منح الثقة" فكانت المقدمات تشي بالنتائج وكانت ثقة قياسية لم يكن يسعى إليها الرئيس إشفاقا على صورة المجلس النيابي الجديد لكن مجلس النواب "اندفع في منح الثقة" على غير ما تشتهي الحكومة فكانت الحصافة والرصانة اقرب إلى الدوار الرابع منها إلى العبدلي.
عموما مضت الحكومة في طريق الآلام الاقتصادية وهي تعلم علم اليقين أن قراراتها تندرج في باب الضرورة و لا مناص منها رغم إنها ستخسرها الشعبية لكنها – أي الحكومة - ستكسبها في المقابل فضيلة الشجاعة على مقاربة ملفات تحتاج إلى جرأة غير مسبوقة.
وقياسا على ما سبق فإنني اجزم بان الحكومة وعلى وجه التحديد رئيسها لن يقطب الجبين لو ان احدا قال له ان شعبية الحكومة انخفضت عدة نقاط في استطلاع مستقل للرأي، ببساطة لانه يعلم ان الاشهر الثلاثة الاخيرة لم تكن سهلة خصوصا في الملف الاقتصادي، وانها أي الحكومة احتاجت لاسناد ملكي مدروس للتخفيف من وطأة القرارات غير المستحبة لكن الضرورية في الملف الاقتصادي فتحرير الاسعار كان يحتاج الى قرارات اخرى توازن بين الاثار المتضاربة فكان قرار الزيادات على الرواتب ومبادرة جلالة الملك "سكن كريم لعيش كريم" بحيث تم امتصاص الاثر الضار لقرار تحرير اسعار النفط وما ارتبط به من موجة غلاء.
نعود الى الاستطلاع الذي ساوى بين شعبية الحكومة عند التشكيل وبعد مئة يوم، فعلى صعيد الوضع الاقتصادي," أفاد (7ر54%) من العينة الوطنية بأن وضع أسرهم الاقتصادي قد ساء مقارنة بثلاث سنوات مضت، مقابل (6ر49%) لدى قادة الرأي، بينما أفاد (3ر22%) من قادة الرأي أن وضع أسرهم الاقتصادي "قد تحسن"
و(9ر12%) لدى العينة الوطنية، فيما اعتبر (9ر31%) من العينة الوطنية و(1ر28%) من قادة الرأي أن "وضع أسرهم بقي كما هو".
هذه الارقام كان يفترض ان تقود الى تراجع في الثقة في المقارنة بينها عند التشكيل وبعد مئة يوم لكن التطابق في الشعبية له تفسير وحيد هو "تفهم الاردنيين" لمبررات تحرير اسعار المشتقات النفطية وموجة الغلاء اللاحقة.
في ضوء ذلك فان المنطق يقود الى الاستنتاج بان الحكومة لو تقدمت ببيانها الوزاري اليوم الى مجلس النواب فانها ستحصد نفس الرقم من الثقة النيابية، اليس النواب ممثلين للشعب؟
samizobaidi@gmal.com