"ع العايش إنشاء الله "،كما يقول المثل الدارج في مثل هذه الحالات، سأذكر المعنيين والجميع بما سيرد في هذا المقال ،فإسرائيل وكما عودتنا ،تبدأ بالتحضير لعدو آخر ،بعد توقيعها وبطلبها على هدنة مع المقاومة الجديدة ،لأنها فشلت في تحقيق عدوانها ،أو أنهكت ولم تعد قادرة على الإستمرار.
فهذه ال"إسرائيل"معتادة على خوض حروب ممسرحة متفق عليها سابقا ،ومتفق على سيناريوهاتها مع الجيوش العربية النظامية ،فقد إحتل الساحل الفلسطيني في أيام معدودات ،بحضور سبعة جيوش عربية ،وسيطرت إسرائيل على الضفة الفلسطينية وهضبة الجولان والجنوب اللبناني ،وعلى شريط من الأراضي الأردنية في سويعات ست في أوائل حزيران 1967 ،إضافة غلى جزيرة الصفافير وجزيرتين أخريين على شاطيء البحر الأحمر قالت العربية السعودية أنهما لمصر.
لكن هذه ال"إسرائيل" المتغطرسة وصاحبة الجيش الذي "كان "لا يهزم، بادرت أكثر من مرة لطلب وقف إطلاق النار، وأول مرة كشفت نفسها فيها في مواجهة مع الفدائيين الفلسطينيين في جنوب لبنان عام 1974،ولا ننسى حالتها إبان معركة الكرامة في آذار 1968 التي دارت بين الجيش الأردن مع الفدائيين الفلسطيين وبين الجيش الإسرائيلي بقيادة دايان ،والذي سيق عناصره بالدبابات إلى الجبهة وهم مقيدون بالسلاسل ،وقد آثر البعض منهم الموت في وديان الضفة على الموت في المعركة ،إذ أداروا وجهة دباباتهم إلى سفوح الأودية فتدهورت وإحترقت ، وهرع الفلسطينيون إليهم ليكتشفوا أنهم قد إحترقوا حد التفحم في دباباتهم لأنهم كانوا مقيدين بالسلاسل إلى دباباتهم.
نعود إلى ما يجري هذه الأيام من مفاوضات جرت في القاهرة المنحازة حد التحالف مع إسرائيل ، للتوصل إلى هدنة دائمة بين المقاومة وإسرائيل ،على إثر العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة ،وما أنجزته إسرائيل من جرائم إبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة .
قبل تقليب الصفحات ،لا بد من القول أن الهدنة ،أي هدنة ،هي نقيض للمقاومة ،فالمقاومة عبارة عن فعل مستمر على الأرض ،ينهك العدو ،ويقلق راحته ،لأنه في حال قضى هذا العدو ليلة مرتاحا ،فإن خسارة الشعب الفلسطيني تكون بالسنوات ،فما بالك إذا إستراح العدو سنين وأشهرا دون مواجهة ترهقه.
إسرائيل منشغلة هذه الأيام بتقييم خسائرها من المواجهة غير المتكافئة الأخيرة ، فهي تعمل على دراسة أداء المقاومة ،وترسم السيناريوهات المتعددة للوصول إلى أحكام قريبة من الواقع ، كما أنها تركز على أداء جنودها وفعالية سلاحها الإجرامي ،والأخطر من ذلك أنها منهمكة جدا بالموضوع الإستخباري ،الذي سجل فشلا ذريعا العدوان الأخير ، تكبدت إسرائيل بسبب ذلك الكثير من الخسائر ،لإنعدام تواجدها الأمني والإستخباري في غزة ،لأن المقاومة هناك عملت على تنظيف القطاع من المخبرين .
وليس سرا القول أن الأمن المصري يحقق مع الجرحى المصريين على الحدود حول صواريخ المقاومة ،وأن من يرفض منهم ،يتم إعادته إلى غزة ليموت هناك ،جزاء لرفضه إعطاء معلومات لصالح غسرائيل.
إسرائيل وضمن تحضيراتها للعدوان التالي ،ستعمل على إستيراد المرتزقة وزيادة عددهم، إذ بلغ عددهم في العدوان الأخير ستة آلاف مرتزق ،ألفان منهم من أمريكا ،ولا ضير فإسرائيل قبضت مقاولتها من بعض العرب سلفا .
ما أود قوله هو أن المقاومة الجديدة في فلسطين ،مطالبة بعدم تطبيق تجارب من سبقها ،خاصة وأنها جاءت نقيضا لها ،وأشبعتها شتما لأنها وقعت إتفاقيات أوسلو وتوابعها ،ولم تحقق شيئا ،والأمر يعود لإسرائيل التي لا ترغب بالسلام مع الفلسطينيين ،بل تريد إستسلاما مدروسا ،متوافقا مع العقلية اليهودية التي ما تزال تثأر من نبوخذ نصر بتخريب العراق ،ومن المسلمين عامة ،لأن الله إختار نبيا عربيا ليكون آخر الأنبياء والمرسلين ،ولم يختره من اليهود الذين يعتبرون أنفسهم أنهم شعب الله المختار.
المعادلة واضحة ،ونوايا إسرائيل أوضح،وهي الآن أقوى مما كانت عليه سابقا ، لأنها اليوم باتت حليفا للعديد من الدول العربية ،وأن هذه الدول العربية هي التي أصبحت توظفها لإنجاز مقاولات فرعية للقضاء على المقاومات العربية ، تمهيدا للمقاولة الكبرى وهي شن هجوم على إيران ،لكن هذه ال"إسرائيل "ترفض مثل هذه المقاولة مع أنها مجزية ماليا وتتفق مع أهدافها،لكن الجبن سيد المواقف والأحكام.
قبل أيام قالها صديق الحكام العرب الصدوق الثعلب الماكر شيمون بيريز ،وإعترف بأن الدول العربية لم تعد عدوة لإسرائيل ،كما أن رئيس وزراء إسرائيل المودع نتنياهو كشف أيضا أن العدوان الإسرائيلي على غزة ، أظهر مدى التعاطف العربي الرسمي مع إسرائيل ووصف ذلك بالذخر الكبير لإسرائيل.
الحل العربي والفلسطيني إزاء كل ذلك ،هو إستمرار المقاومة وعدم الإلتفات للمفاوضات ،مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل ،لأن ذلك عبث كبير جربناه منذ عشرات السنين،وقد ثبت بالوجه القطعي أن إسرائيل لا تفهم غير لغة القوة ،وأنها رغم تحالف العربي الرسميين معها ،باتت أوهى من خيوط العنكبوت .