صبري ربيحات يكتب: على كل مدن الدنيا تشرق الشمس
mohammad
17-08-2014 03:53 PM
عمون - غالبية مطربينا وأهم المطربين العرب غنوا لعمان، من فيروز إلى نجاة الصغيرة.. ومن انغام إلى عمر العبداللات... وغيرهم.. تغنوا بهلالها.. وجبالها السبعة.. والجمر والجاه... وجدائلها..الخ.
عمان.. ألف صورة.. وعشرات الثقافات الفرعية... وخمس وستون عشيرة على اطرافها..وفي قلبها المئات من الروابط العشائرية.....ولا تزال تبحث عن شخصيتها الحضرية التي اضاعتها.
قبل قرن من الزمان كانت عمان بلدة وادعة لا يتجاوز ساكنوها بضعة آلاف.. جاءوا اليها من القفقاس والشام والسلط وبعض البلدات المجاورة.. ومع نشوء الدولة وامتلاكها لعناصر الحياة والازدهار نمت المدينة بفضل عوامل الهجرة والاقتصاد واختيارها عاصمة لدولة حملت شعار الوحدة والثورة.. فالتحق بها الكثير من الحالمين باحياء مجد الامة الذي تلاشى بعد قرون من الهيمنة والجهل والتفتيت..
عمان كانت تستقبل الوافدين اليها بلا تحفظ.. من بغداد والشام والحجاز والمغرب والسودان وموريتانيا واليمن وليبيا وبخارى وتركيا والقفقاس والشيشان.. وكل بلدات وبوادي شرق الاردن..
في مطلع الثلاثينيات كان سكانها في اطراف الـ30 الفاً.. ومع كل حرب نشبت كانت عمان تستقبل افواج الفارين من الموت بحثا عن الحياة.. في 1936 و1948 و1967 جاءت موجات اللجوء والنزوح ليتضاعف سكان البلدة مرارا.. وكانت المدينة الناشئة اما لكل ابنائها الذين انجبتهم او تبنتهم..
في السبعينيات استقبلت اللبنانيين، والتسعينيات العائدين من الخليج... وبعد احتلال العراق وتدهور الاوضاع حل على عمان مئات آلاف الراغبين في حياة يسودها الامن واجواء تخلو من رائحة الموت التي اصبحت جزءاً من الروتين العراقي بعد احتدام الصراع.
عمان وجدت لتكون وعاء لاستيعاب الناجين من الموت والباحثين عن الحياة..
بفعل نموها السريع وحاجتها الى اراض جديدة تمددت المدينة في كافة الاتجاهات فابتلعت اراضي وعشائر وبلدات مجاورة لتصبح جزء من المدينة.. فدخلت ماركا والقويسمة وطبربور وشفا بدران وابونصير والجبيهة ووادي السير ومرج الحمام وجاوة وابو علندة وغيرها في جسم المدينة.. التي تضخمت حتى غدت غير قادرة على المسير بعد ان حثت الخطى يوم شبابها باتجاه وتدي السير الذي احبه عرار.
اليوم يمكن النظر لعمان كرابطة وتجمع للقرى والعشائر اكثر من كونها مركز حضري بالمعنى الدقيق للمدينة.. واذا اردت التحقق من ذلك فما عليك الا ان تدقق في قوائم عضوية مجلس الامان المنتخبين "دعجه..عدوان.. عبادي.. لوزي.. طفيلي.. بلقاوي.. الخ"
اليوم تسعى الامانة ممثلة بشخص الامين الى دفع عمان باتجاه هويتها الحضرية وسط صخب لا حدود له ودون مساعدة من احد....ﻻ يبدو ان الحكومة ولا الاجهزة معنية بجهود الامين...فالكثيرون يريدون ان تبقى عمان مقاسم عشائرية ليستفيدوا شخصيا من كوتات التمثيل والانتفاع باسم المجموعات التي يمثلونها..
مع بالغ احترامي لكل الشعراء الذين صوروا عمان على انها"ارخت جدائلها فوق الكتفين..وان المجد قبلها بين العينين " او " انها حنا على حنا.. وفوح الخزاما وريحة الجنة"..."او"حرة ما دنست اثوابها"
عمان تعاني ازمة هوية ..ول يقبل على انتخاب مجلسها اكثر من 15%من ساكنيها ...الامانة تحتاج الى مجلس منتخب معني بدفع المدينة نحو الحياة المدنية بما فيها من فن ونظام وجاذبية....لا بتحويل السكني الى تجاري ... والبحث عن وظائف للمحاسيب... عمان مدينة ساحرة في طبوغرافيتها وسكانها ومناخها... لكنها بلا هوية.. وبلا روح.. وتحتاج الى هوية حضرية تمثل كل ساكنيها وليس البلدات المحيطة بها... لا ادري ما علاقة "هلا هلا بيك يا هلا.....لا يا حليفي يا هلا"بهوية عمان...لتكون فرقتها الفلكلورية بهذه الصورة...
عمان تحتاج الى نهضة ثقافية فنية تعكس روح المجتمع الحضري الذي يمتاز بالنظام والتنوع والاحترام.. بانشطة وفعاليات ترقى بالذوق العام..وتستوعب فائض الوقت والطاقة للساكنين والزائرين.. لن ينخفض منسوب العنف بلا تنوع فني وثقافي.. الموسيقى والمسرح...مظاهر حضرية غائبة عن فضاء مدننا واحيائها..
المدينة لا تصبح مدينة بالمباني وعدد السيارات.. والشوارع..والاضواء.. المدينة تحتاج لاكثر من ذلك بكثير.