ما دفعني لكتابة هذا المقال هو ملاحظتي في الآونة الأخيرة قيام بعض الاشخاص بتقديم النصح والارشاد والفتاوي حول موضوع تسويق السياحة الاردنية، والحديث المطّوّل عن الترويج السياحي، وتشخيص المشاكل اكثر من تقديم الحلول. وحتى إنّ هناك من يعترف بأهميّة السياحة ثم يضع اللوم على وزارة السياحة والآثار من أجل القيام بعملية تسويق السياحة الأردنية. انا لا ادافع عن وزارة السياحة والآثار، ولكن ما هو ذنب هذه الوزارة والتي تعمل وبشكل مستمر على إحداث نقلة نوعيّة في السياحة الأردنية ضمن موازنة وزارة السياحة والآثار المحدودة وضمن موازنة الترويج السياحي المحدودة ايضا؟ والمشكلة الكبرى ان من يتحدث عن تسويق السياحة الأردنية غالبيتهم من غير المتخصَّصين في المجال وليس لديهم القاعدة المعرفية والخبراتية في حقل التسويق السياحي. لا يوجد شك إنّ تسويق السياحة الأردنية هو ضرورة استراتيجيّة من الطراز الأول ويشكّل أحد اهم الإستراتيجيات الوطنية من اجل الخروج من عنق الزجاجة الاقتصادية التي تعاني منها. حقيقة الأمر ان وزارة السياحة والآثار الأردنية تقوم بعمل دؤوب ولديها العديد من المحاولات الجادة التي تسعى من خلالها لتسويق السياحة الأردنية، ووضعها على خريطة السياحة المحلية والإقليمية والدولية، ولكن لا تستطيع انجاز هذه المهمة وحدها!!!
وهنا يجب أنْ يتم إلاشارة وبوضوح تام بإنّ حل مشكلة تسويق السياحة الأردنية ليس بيد الحكومة ممثلة بوزارة السياحة والآثار وحدها، وانمّا تحتاج إلى استراتيجية وطنية تشترك فيها الحكومة والقطاع الخاص والعمل يداً بيد من أجل إحداث نقلة نوعيّة ليس فقط في مجال تسويق السياحة الأردنية، وإنمّا في تعزيز البنية التحتية والإستثمار طويل المدى في صناعة السياحة بشكل عام. اضف الى ذلك، نحن بحاجة ماسة إلى عمليّة تغيير ثقافي واجتماعيّ نوعيّ تتواكب مع متطلبات العصر الحالي والانفتاح على ثقافات اخرى بطريقة مسؤولة ومتدرجة بحيث يصبح الأردن مركز جذب سياحيّ في منطقة الشرق الأوسط لانه لدينا كنوز سياحية يمكن تسويقها بسهولة وهناك نقاط جذب سياحي في الأردن أهمها الأمن والاستقرار في بلدنا العزيز. فالمطلوب الآن تطوير وتنفيذ استراتيجية تسويق لكل نوع من أنواع السياحة الأردنية سواء أكانت الدينية أم العلاجية أم الترفيهية أم الأثرية وغيرها مع التركيز على مناطق محددة من العالم وباستخدام وسائل وادوات التسويق السياحي الحديثة من اجل جذب أكبر عدد ممكن من السياح، وبنفس الوقت فإنّه يجب العمل على تطوير البنية التحتية الثقافية لكافة المناطق السياحية في الاردن وفقاً للمعايير الدولية وبنكهة أردنيّة.
وعليه، فإنّ حلّ مشكلة تسويق السياحة الأردنية لا تكمن في توجية الانتقادات في كل مناسبة يمكن استثمارها من قبل البعض وانما تحتاج الى جهد وطني متكامل ضمن رؤيا استراتيجية واضحة، تلتقط الإشارة من التوجهات الملكية السامية في دعم السياحة الوطنية. لقد وصلت أقصى درجات الدعم الملكي للسياحة الاردنية قيام جلالة الملك حفظة اللة برعاية زيارة البابا الى الأردن وبكافة تفاصيلها والعمل بجهد متواصل لترويج السياحة الاردنية لكافة ارجاء العالم في وقت تمر فيه المنطقة بأعلى درجات الأظطراب والارتباك. أيضاُ، تشجيع السياحة الداخلية بتكلفة معقولة للمواطن الأردني أصبح مطلباً اساسياً لدفع عجلة الاقتصاد الأردني. فالمطلوب الآن العمل على الاستثمار في المجال السياحي واستثمار الفرص الموجودة في الأردن والإمكانيات البشرية المتوفرة لمستقبل افضل انشاء الله.