عمون - خاص - بلغت خسارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية 8ر6 مليون دينار في النصف الأول لعام 2014 مقابل ربح متدن بلغ مليون دينار للعام 2013 بأكمله .
تأتي أهمية التحليل لأداء الشركة لسببين , أما الأول فهو المتعلق بالجدل الذي لم يتوقف على مدى ثلاث سنوات حول الربحية التي من المفترض أن تحققها الشركة في ظل الحديث عن قضايا الفساد فيها أما الثاني فهو المتعلق بالأهمية الاستراتيجية للشركة في الاقتصاد الوطني خصوصا وأن هذه النتائج المخيبة هي الأولى عقب تقرير تقييم برنامج الخصخصة الذي خلص الى أن خصخصتها لم تكن صحيحة ملمحا الى العائدات الكبيرة التي فاتت على الخزينة كنتيجة لذلك , فأين هي هذه العائدات في ظل هذه النتائج ؟
على مدى أكثر من ثلاث سنوات والخوض لم يتوقف في لعبة الارقام في قضية الفوسفات، لكن الأكثر دهشة كان في حجم الأرباح التي وعدنا بها البعض ، وهي التي إنعكست بشكل درامي مثير للدهشة وللاستغراب وللسخرية في ذات الوقت.
.
لعبة الأرقام وقد كان الغرض منها إثارة الرأي العام وإقناعه بقضية ، كبرت مثل كرة ثلج، حتى لم يعد أحد يعرف كيف يتراجع عن هذه المبالغات وهذا الإسراف غير المحسوب في التصريحات ها هي تتبدد بسرعة في الأرباح المحزنة التي حققتها لهذه السنة ومن يدري فقد تتجه الى الخسارة في السنوات القادمة وبذلك تكون حليمة قد عادت الى عادتها القديمة !!.
هذه هي السنة الثالثة التي تسجل فيها أرباح شركة الفوسفات تراجعا حادا وتحولها الى الخسارة ما يذكرنا بأوضاعها في سنوات ما قبل الخصخصة لكن ما يميز هذه السنة كان في محاولات إخفاء الخسارة وتبريرها بأسباب غير مقنعة وهو ما بدا واضحا في تناقض المعلومات في بيانين صدرا عن الشركة خلال أقل من أسبوع نسب الأول الى المدير العام وصدر الثاني عن رئيس مجلس الادارة خصوصا فيما يتعلق بالأسعار العالمية الفوسفات والأسمدة وكميات الانتاج وكمثال على هذا التناقض , يقول المدير العام في البيان الأول أن " كميات الفوسفات المصدرة نمت بحوالي 21 بالمئة، ونمت الكميات المستخدمة في صناعة الأسمدة المحلية بنسبة 3ر1 بالمئة كما حققت مبيعات الأسمدة خلال النصف الاول في العام 2014 زيادة بحوالي 3ر11 بالمئة .
وإن القفزات في الكميات المباعة من الفوسفات والسماد تحققت رغم الظروف المالية الصعبة وضغوطات وأن الشركة، استطاعت أن تحقق تحسننا في أسعار البيع خلال النصف الاول من العام 2014 مقارنة بالأسعار كما هي في نهاية عام 2013، حيث ارتفع معدل سعر بيع طن الفوسفات الخام بنسبة 4ر0بالمئة في حين ارتفع معدل سعر البيع للأسمدة بنسبة 4ر12 بالمئة"..
أما بيان رئيس مجلس الادارة , فبعد يؤكد ارتفاع أجمالي مبيعات الشركة بنسبة 8 ر13 بالمئة وصولا إلى 328 مليون دينا و الارتفاع الملحوظ بكميات صادرات الفوسفات الخام بنسبة 21 بالمئة، وارتفاع صادرات الأسمدة بنسبة 61 بالمئة، ليعود فيقول أن ذلك قابله انخفاض في أسعار بيع هذه المنتجات في السوق العالمية.
قبل الخوض في الأسباب الحقيقية للخسارة , تشير البيانات المالية كما وردت في إفصاح الشركة المنشور على موقع بورصة عمان الى أن الشركة إحتسبت تكليف الردم البالغة 27 مليون دينار من ضمن تكاليف الانتاج وهو ما لم يكن محسوبا على مدى ميزانيات الشركة في سنوات ماضية باستثناء العام الفائت ويعود السبب في إيراد هذه التكاليف الى البحث عن أسباب غير جوهرية لتبرير الخسارة ومن ذلك ألية جرد قطاع الغايار , فمع إستبعاد تكاليف الردم التيي تفرض المعايير المحاسبية بدء إحتسابها في عام 2017 فان الخسارة ستقفز 32 مليون دينار أما سبب الخسارة بحسب تقرير رئيس مجلس الادارة هو احتساب مخصصات حوافز الموظفين للنصف الأول من العام الحالي البالغة 13 مليون دينار واحتساب الضرائب، وهو ما حول الأرباح إلى خسارة قدرها 7ر6 مليون دينار لكنه أغفل أن الشركة لم تتوقف عن دفع الحوافز وتخصيص مبالغ مالية للتقاعد وغيرها من المزايا منذ خصخصتها في عام 2006 , ولم تحمل هذه الكلف اعلى حساب الربح أو والخسارة وكمثال على ذلك فقد تم بعد بيع الأسهم في عام 2006 تحسين وزيادة امتيازات الموظفين وكانت الشركة رائدة في منح الموظفين راتب الخامس عشر وراتب السادس عشر. حيث تضاعف معدل الدخل الشهري للموظف ليبلغ حالياً (1220) دينار. كما وبلغ مجموع التعيينات بعد بيع الأسهم في عام 2006 ما يقارب (801) موظفاً )مع المكرمة الملكية) في حين أن التعيينات خلال السنوات 2000 -2005 بلغت 116 موظفاً.
هل من إجابة على ذلك كله , لا نعتقد أن كل الإجابات مهما كانت تبرر هذا التراجع الحاد , الا واحدة وهي التي تتلخص في الإغتيال المنظم الذي جرى للشركة منذ خصخصتها وتمثل أخرها في تقرير تقييم لجنة مراجعة الخصخصة , فكان الحال كما هو في المقولة الشهيرة " يخربون بيوتهم بأيدهم " , فمن الذي خرب الشركة وقوضها , وضرب سمعتها التي ضربتها الإدارات الحكومية المتعاقبة عندما كان التعيين لرئاستها يتم بالخواطر والمكافآت والواسطات والتنفيعات , أم هم من ضربها في الصميم بوسم كل ما فيها بالفساد , أم هم من ضيق عليها الخناق في إنتاجها ومبيعاتها وأسواقها وعمالها وموظفيها , أنم هم من عطل قراراتها وتجارتها , أم هم من إختطف القرار فيها ووجهه لا نعلم أهو توجيه لمصلحة الشركة وإقتصاد البلد أم لمصلحة لا نعرف ما هي ؟. وإن كانت النتائج تفضح كل ما سبق فيكفي أنها دليل على خطأ كل القرارات التي أتخذت بحق الشركة بدءا من الخوض في خطأ خصخصتها ومرورا بالفساد المزعوم
على فرض أن تراجع الأسعار العالمية سببا من أسباب تراجع النتائج المالية للشركة فنذكر هنا أن هذه الأسعار حلقت عاليا في سنة واحدة فقط منذ خصخصتها وتحديدا في سنة 2008 قبل أن تعود الى مستوياتها الطبيعية لكن حتى مع تراجع هذه الأسعار حافظت الشركة في السنوات اللاحقة على معدل ربحي جيد , بفضل التغلب كفاءة التسويق وتفهم معادلات المنافسة العالمية وتوسيع الأسواق التصديرية وكمثال على ذلك فبعد خصخصتها مباشرة صعدت بأرباحها الى أكثر من 50 ضعفا فلم تكن أرباحها قبل الخصخصة تتجاوز ذات الرقم الذي حققته هذه السنة , لوم تكن الأسعار العالمية قد تضاعفت في عامي 2006 و2007 الى المستويات القياسية التي بلغتها في نهاية عام 2007 وحتى قبل نهاية عام 2009 , حتى بعد أن تراجعت الأسعار بعد سنة 2008 الى أكثر من 40% ظلت ارباح الشركة أكثر من 100 ضعف ما كانت تحققه قبل الخصخصة وأكثر بالتأكيد مما تحققه اليوم بذات الضعف ما يسقط كل التبريرات التي تحاول أن تخفي الحقائق الرقمية .
نتائج الفوسفات, لم تكن خرافية , فلم تظهر مليارات الدنانير التي زعم أنها ضاعت بسبب البيع بأقل من الأسعار العالمية بل على العكس فقد تراجعت ارباح الشركة بينما يلقى البعض باللائمة على تراجع الطلب وعلى الأوضاع الإقتصادية العالمية , وعلى إرتفاع كلف الإنتاج , فنذكر هنا أن البلدان الرئيسية المستوردة للفوسفات وللأسمدة هي الأكثر نموا , وأن الأسعار العالمية وإن كانت إسترشادية وليست ملزمة تراجعت فعلا ولكن ليس الى الحد الذي يقود أرباح الشركة الى الحضيض .