من الذي قتل المواطن الأردني ؟
د. عادل محمد القطاونة
17-08-2014 04:29 AM
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا . الاية 135. سورة النساء ، إستوقفتني هذه الآية القرانية وأنا أقرأها على بوابة كلية الحقوق في جامعة هارفارد الأمريكية ، أحد أعرق جامعات العالم والتي وضعت أفضل العبارات في التاريخ البشري والمتعلقة بالإصلاح وسيادة القانون والعدالة !!
مهرجان للألوان وقريباً مهرجان للبيجامات في العاصمة عمان !! مجرم هنا ومهرج هناك ، وطني صادق ووطني منافق، قتل وفساد، إصلاح وهيكلة، وبين هرج ومرج وحاقد ومارق وخاذل ومتخاذل تعود معادلاتنا الوطنية إلى حيرتها السابقة في غياب التعريف الحقيقي لأطراف المعادلة الوطنية فمن هو المخطئ ومن هو المصلح ؟ من هو الإيجابي ومن هو السلبي ؟ من هو الفاسد ومن هو المصلح ؟ من الذي قتل المواطن ؛ هل هو المجرم أم الفاسد أم القانون أم المجتمع أم العادات والتقاليد أم العنجهية أم التعصب ؟؟
تزايد في تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية وسرقة السيارات ، إنخفاض في المستوى الثقافي والعلمي ، تراجع في القيم الأخلاقية والدينية المعتدلة ، تزايد في القيم العدائية والمتطرفة، إختفاء العدالة والنزاهة وظهور الوجاهة والوساطة ، تفشي الإشاعة وضياع الحقيقة ، إنعدام الجرأة في الحديث الواقعي وإزدهار الحديث التصنعي وفي غمرة مخدراتنا وقيمنا وواسطاتنا وإشاعاتنا وتصنعنا يقتل مواطنونا تارة في مشاجرة وتارة في شقة وتارة من مخدر أو مسكر لنوجه أصابع الإتهام لحاقد أو كاره ولندخل الوطن والمواطن في دوامة من العداء والكراهية الإجتماعية !!
ألم يحن الوقت لأي منا أن يطلق صرخته الوطنية مطالباً بإعادة هيكلة بعض مؤسساتنا ووزاراتنا الحكومية التي أرهقتها الواسطة والمجاملة ، ألم يتجرأ البعض للحديث في أهمية إعادة النظر في واقع الأمن الداخلي ورفد جهاز الأمن العام بأحدث التقنيات التكنولوجية وإستقطاب بعض الكفاءات المؤهلة والمدربة والنظر إلى المملكة بشكل أكثر دقة وإتصالاً لما فيه مصلحة المواطن والوطن ، ألم يقرأ البعض منا العديد من النداءات لجهاز الدرك في طريقة تعامله مع المواطن، ليس إنتقاصاً لرجل أمن أو دركي فدورهم كان ولازال محورياً ولكن إنتقاداً هادفاً يكفل لرجل الأمن والدرك في ان يكون أكثر حرفية أكثر إنضباطاً أكثر قوة وتماشياً مع واقع سياسي جديد على الأردن فرضته أجندة الدول المجاورة فالملف الأمني أصبح الآن وأكثر من أي وقت سبق الملف الأكثر إرهاقاً للدولة.
بعيداً عن الملف الأمني اما آن الأوان لوزارتنا بان تدرك كل منها أهميتها في حياة الدولة الاردنية فوزارت الثقافة وتطوير القطاع العام والتعليم والتعليم العالي والتخطيط والتعاون الدولي والتنمية الإجتماعية والتنمية السياسية وغيرها تعاني من بعدها عن المشهد الإجتماعي الثقافي وبعيداً عن السياسة والإقتصاد فمن هو المسؤول عن عقد مهرجانات البالونات والبيجامات ؟ ومن هو المسؤول عن إنخفاض منسوب الثقافة لدى أغلب الشباب الأردني وعلى سبيل المثال لا الحصر هل تعلم وزرات الثقافة والتربية والتعليم والتعليم العالي أن نصف الشباب الأردني لا يعلم ما هو الفرق بين الحكومة والدولة ؟ وهل تعلم مؤسساتنا التي أشبعت العالم صراخاً في تنميتها السياسية والحزبية ان أكثر من 95% من الشباب الأردني لا يعلم ما هو الدستور الأردني ؟ وما هو الفرق بين الدستور والقانون والتعليمات والأنظمة ؟ اما وزرائنا الاقتصاديون فلن أطيل الحديث حتى لا أتهم بالخروج عن النص ولكن هل يعلم البعض منهم وعلى سبيل المثال لا الحصر أن مفهوم الثقافة الضريبية لا وجود له في المجتمع الأردني !!
ختاماً إن العدالة وتطبيق القانون على الصغير والكبير ، المواطن العادي والمواطن السوبر ، وكبح جماح بعض المغامرين والهوائين ، ووضع خطة أمنية متكاملة تكفل أن يكون المواطن شريكاً حقيقياً في العملية الأمنية ، وتعزيز أجهزة الدولة بكفاءات مدربة وليست مستنفذه تعمل بشكل تقني وحرفي من أجل الوطن والمواطن وليس من أجل العرض والتنظير ، كل ذلك سيقودنا إلى إنخفاض في مستوى الجريمة والقتل، إرتفاع في مستوى الثقافة والعلم لدى المواطن.