بالرغم من أنّ عبدالله الخطيب، الذي يعمل في دائرة مطاعم الجامعة الأردنية موظفاً من الدرجة الثالثة، تمكّن من الحصول على كتاب من رئيس الوزراء موجّه إلى إدارة مستشفى الجامعة الأردنية، يفيد بأنّ الحكومة ستدفع تكاليف العلاج الكبيرة المترتبة عليه، إلاّ أنّ إدارة المستشفى لم تقبل كتاب الرئيس بذريعة وجود "دعوى قضائية"!
الخطيب أحضر نصّ قرار قضائي قطعي بعدم وجود حق عام أو خاص أو مسبّب أو مشتكى عليه، نتيجة وقوعه من ارتفاع طابقين من منزله، إلاّ أنّ إدارة المستشفى لم تأخذ بذلك، وما يزال راتبه الشهري المتواضع، الذي يعتمد عليه كليّاً، موقوفاً من قبل الدائرة المالية إلى حين حلّ الإشكال مع إدارة المستشفى بخصوص كلفة العلاج، مع أنّه تحامل على الإصابة البالغة والأضرار الجسدية الكبيرة التي تعرّض لها، وعاد إلى عمله منذ بداية العام الحالي.
بالطبع طالما أنّه موظف فهو مؤمّن طبياً من الدرجة الثالثة، لكن إدارة مستشفى الجامعة لم تقبل ذلك بذريعة "الدعوى القضائية".
وما يزال الرجل معلّقاً ما بين كتاب من رئاسة الوزراء بتحمل كلفة العلاج وفاتورته من جهة، وتوقيف راتبه الشهري من جهةٍ أخرى، وإصرار إدارة المستشفى على عدم القبول بالكتاب الحكومي أو الاعتراف بالقرار القضائي، ومطالبته بدفع الفاتورة الضخمة!
المفارقة أنّ هذا الشاب الذي قدّر الله له الحياة بعد تلك الواقعة الأليمة، إذ احتاج إلى 31 عملية جراحية، ورقد في مستشفى الجامعة الأردنية لمدة 9 أشهر، بعد أن تعرّض لكسور في العمود الفقري وكسر متفتت في الكاحل والركبة اليمنى وكسور في اليد اليمنى وكسور في الوجه والجمجمة؛ وغالب كل تلك الظروف القهرية ونجح في العودة إلى الحياة والعمل؛ وصدر قرار قضائي يؤكد عدم وجود "دعوى" بحقه، يواجه اليوم عناداً وإصراراً من مستشفى الجامعة برفض قبول كتاب رئيس الوزراء ورفض شموله بالتأمين الطبي الذي يشمله في الأصل، وتغريمه قيمة فاتورة مالية ضخمة تفوق حجم كل إمكاناته وطاقاته، وتصل إلى قرابة 40 ألف دينار، وما يزال راتبه الشهري محجوزاً!
كان يمكن أن نستوعب قرار مستشفى الجامعة من زاوية الالتزام بالقوانين والأنظمة وحماية المال العام، والتأكيد على سلامة الإجراءات الإدارية وعدم التسيب؛ كل ذلك صحيح، لكنّ التشدد في حالة عبدالله الخطيب غير مفهوم، ويتنافى مع روح القانون والمنطق الإداري، فضلاً عن أنّه يجافي الجانب الإنساني تماماً، بذريعة التمسّك ببعض الحرفيات القانونية الشكلية، مع أنّ هنالك كتاباً من رئاسة الوزراء وتأميناً صحيّاً في الأصل وقراراً قضائياً قطعياً، وفضلاً عن هذا وذاك حالة إنسانية بادية للعيان لموظف لا يملك هذه التكاليف الهائلة!
من المعروف أنّ مستشفى الجامعة يعاني فعلاً من أزمة مالية خانقة ومديونية كبيرة، ويقع هذا الصرح الطبي المهم والكبير تحت طائلة التهديد بعدم القدرة على الاستمرار ضمن هذه الظروف.
كل ذلك مفهوم ونقرؤه ونتابعه، ونشعر بالقلق تجاهه من دون شك، لكن الحلّ لا يكمن بالتشدد في حالات إنسانية واضحة صريحة، لأسباب شكلية لا أكثر، بل يكمن بالاستمرار في مطالبة الحكومة ومؤسسات الدولة بدفع ديون المستشفى، وتدشين حملة إعلامية لتوضيح هذا الواقع المقلق للمستشفى.
أتأمل من المسؤولين في إدارة المستشفى أن يساعدوا على حل مشكلة عبدالله الخطيب وإنهاء معاناته وعدم تركه معلّقاً، والوصول إلى صيغة قانونية حاسمة في إنهاء هذه القضية.
(الغد)