الوقت الان مناسب جداً لأقول بأن قناة زوينة المتخصصة بالأغاني الأردنية والطربية قد أصبحت ضمانتنا كأردنيين لحماية تراثنا من الضياع ؛ فهي جزء حميم من كل بيت أردني.
أما خارج الأردن.. فأنتِ بلسم المُفارِق يا زوينة. لم أتأخّر في وصفك بالفرادة والعمق والأصالة- يا زينة – القنوات ؛ لأن الوقت وحده كفيل بإبراز أو إخفاء أي ظاهرة إعلامية.. وقد أعليتِ من شأن الوقت.. فأعلاكِ.
بعد أن يغتسل الصباح بفيروز الغناء العربي ، تعتلي سميرة توفيق شاشة زوينة، بكامل غمزاتها ، حيث يذوب الزمن بموهبتها وفخامة وقفتها على المسرح. تعيد زوينة تقديم هذا الدور بالتحديد: التذكير بقيمة تراث الإغنية الأردنية التي تتطابق مع أسلوب حياة الأردني ولهجته وقيمه الشامخة ؛ فزوينة ليست شاشة عرض لإسطوانات معروضة في السوق... لا أبداً... هي ثورة الذوّاقة على ما هو عابرٌ في الفنّ والحياة.
يمرّ وقت زوينة باشتياق جوزيف صقر – العبقرية الفنية من لبنان الفن: « أنا الي عليكي مشتاق « منبهاً من نسوا أنفسهم في زوايا الغبار بأن عليهم واجب الإشتياق. أما أغنية عالبال بعدك يا سهل حوران من صوت فهد بلان ، بخفّة ظله الحورانية ، فهي شاي المساء... ومن أوشكت الغربة أن تفترس وجدانه ، فتقدم له زوينة « سافر يا حبيبي وارجع « رائعة عبده موسى ، سيد الغناء الأردني بكل عصر.
فإذا لدغك حنينُ الى ذاتٍ فقدتَها، أو غائبٍ لا تملك استعادته ، جهّزت لك زوينة عزيزةً الجلالِ كُلّه: مستنيّاك... هناك حيث أراد بليغ حمدي أن يؤكّد كمال عبقريته في تأليف الموسيقى... وينتهي بك الأمر بأن تتسائل ما الذي حلّ بمطربة عصرها عزيزة جلال ؟ هل صادرها زوج أنانيّ مثلاً ؟؟
أن تراقب شاشة زوينة ، يعني أن تمسح دموعك على إثر قشعريرة تتكرر مع محتوىّ فريد ، وأرشيف معتنىً به كطفل قد بدأ يمشي للتو. أما الحنين الذي ينداح مع أغنيات زوينة الوطنية والطربية ، فيترجمه الناس بأسلوب الرسائل التي يرسلونها للقناة طالبين ما طاب لهم من نفائسها ، بلغة راقية وثقة مُتبادلة–وهذا هو الإعلام في أحسن أهدافه: بناء الثقة التي تدوم ولا يتبعها خذلان.
ومثل كل أردني شهم وأصيل يشارك القائمون بقناة الفنّ الأولى الناس أفراحهم ، وكذلك تحيي زوينتنا ذكرى من لا تموت ذكراهم فينا: مثل الشهيد وصفي التل ، مُغنىً بصوت سلوى الأقوى بالمطلق (ي مهدّبات الهدب غنن على وصفي ) ، والحسين الأب عبر عذوبة نجاة الصغيرة (نحبّه). هي القناة المهنيّة الفريدة المنتميّة الى هويتنا ولوننا.
لذلك ، ومع تكرار قصيدة امرؤ القيس بصوت الفريدين هيام يونس وطلال مدّاح ، فلقد « تعلّق قلبي زوينةً ً أردنيةً ، تنعّمُّ بالأُغنيات، والحِلي والحُلل. «
(الرأي)