أزمة لا تتجاوز قواعد الاشتباك
فهد الخيطان
13-08-2014 04:04 AM
نسفت خطابات لقيادات في الحركة الإسلامية، خلال مهرجانها التضامني مع غزة قبل أيام، أجواء التهدئة مع الدولة، التي ردت بحملة إعلامية ممنهجة لتفنيد اتهامات الإسلاميين، وتعدت ذلك للنيل من بعض أشخاصهم. وكعادة الحملات السابقة، هناك تلويح وتهديد بحل جماعة الإخوان المسلمين.
بالأسلوب والمضمون، ها نحن نعود إلى نفس المربع الذي وقفنا عليه مرات عديدة؛ مربع التأزيم والتصعيد المتبادل، تارة عنوانه الإصلاح السياسي، وتارة أخرى مصر، وهذه المرة العدوان الإسرائيلي على غزة.
لقد تكفل المسار المتعثر لثورات "الربيع العربي" بتخفيف حدة الخلاف حول ملف الإصلاح الداخلي. وتكفل الزمن بمداواة جرح مصر وما أثاره من سجالات ساخنة. وبعد أشهر من الهدوء، عادت أجواء التوتر على وقع عدوان غزة.
التصعيد الحالي رغم حدته، ليس مرشحا لتجاوز قواعد الاشتباك التي عهدناها في مواجهات سابقة بين الدولة والإسلاميين. الدولة تملك تصورا ناضجا ومستقرا للتعامل مع الإسلاميين؛ جرّبته طوال سنوات، وأثبت نجاعته. والحركة الإسلامية تدرك حدود وخطوط التصعيد؛ يرفع واحد أو اثنان من قياديي الحركة "الدوز" قليلا، وبعدها بأيام ترتفع أصوات العقلاء في الحركة لتذكر بثوابت الإسلاميين تجاه الدولة، ومنهج الحركة السلمي وسواه من الاعتبارات. وفي أحيان، تشتغل ماكينة الاتصالات والرسائل من خلف الكواليس لتبريد الأجواء.
أصبح هذا السلوك تقليدا راسخا في العلاقة بين الدولة والإسلاميين، لا بل مع مختلف قوى المعارضة؛ في ظل الأحكام العرفية، وفي زمن الديمقراطية.
هذه المرة، الحكومة سبقت الإسلاميين في إظهار النوايا الحسنة؛ فبينما تتعرض الحركة الإسلامية لقصف إعلامي مكثف، نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن رئيس الوزراء د. عبدالله النسور قوله، خلال لقاء مع رؤساء النقابات المهنية، إن بديل الحركة الإسلامية في الأردن لن يكون جيدا. وزاد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية
د. خالد الكلالدة، بالقول إن مجلس الوزراء لم يبحث في حل جماعة الإخوان المسلمين، مثلما تداولت وسائل إعلام في اليومين الماضيين.
لكن المؤسف في الأزمة الحالية بين الدولة والإسلاميين هو عنوانها؛ العدوان الإسرائيلي على غزة. ليس من مصلحة أي طرف أن نظهر مختلفين على هذا النحو حيال مسألة كهذه. وبعض ما سمعناه من كلام في مهرجان استعراض القوة، لم ينطق به أي من قادة "حماس" نفسها التي تخوض المواجهة على الأرض.
مشكلة بعض قادة الحركة الإسلامية أنهم لا يدركون أن التوظيف المفرط لحركة حماس داخليا، يضر بفرص تجسير علاقتها مع الدولة، ويغذي الشكوك حول الارتباط التنظيمي بين إخوان الأردن وحركة حماس.
وربما تتحمل الدولة مسؤولية عن ذلك، بسبب ترددها في ترسيم حدود علاقتها مع "حماس" بوصفها حركة تحرر وطني فلسطينية، مثلها مثل حركة فتح.
لم يعد خافيا أن الحركة الإسلامية تريد استثمار نجاحات المقاومة الفلسطينية لتحفيز قواعدها الشعبية في الأردن؛ وليس سرا أن مؤسسات الدولة ستقاوم هذا الأمر. صراع مصالح من دون شك، شرط أن لا يتجاوز قواعد اللعبة، أو يأتي على حساب مصالح عليا تجتمع عليها كل الأطراف.
(الغد)