قبل عدة أيام كنت أتابع نشرة الاخبار على شاشة التلفزيون الاردني.. وأعجبني تقرير عن (الماعز) بث من البقعة.. حيث ذكر التقرير قيام أحد المستثمرين بجلب انواع من الماعز والخرفان من فلسطين تنتج كميات كبيرة من الحليب وتلد أغلبها توائم.. وشجعنا المستثمر _ مكثور الخير _ على الاستثمار في هذا النوع لما يححقه من أرباح مجزية نظرا لوفرة اللحم الذي ينتجه. ولا أعلم حقيقة ان كان الان هو الوقت المناسب لعرض ما تنتجه (الماعز) من (اللحم)..
ام الان هو الوقت المناسب لعرض ما تنتجه المقاومة الباسلة من بطولات (ملحمية)!! ذكر لي صديق عزيز انه في عام 1989 كنّا في غضب شعبي جارف ننتظر يوم الجمعة على أحر من الجمر للمشاركة في المظاهرات التي تطالب باسقاط الحكومة في ذلك الوقت.. وأثناء دخولنا الى المسجد لسماع خطبة الجمعة، والخطيب على دراية تامة في ما يهيّج صدورنا ويشغل بالنا، فما كان منه بدل أن يحدثنا عن مصير من يأكل اموال المسلمين بغير حق ويلقي بهم الى التهلكة، حدثنا _ سامحه الله _ عن حكم (الحائض) في الحج ولم يكن الوقت وقت (حج) ما جعل معنوياتنا تهبط الى (الحضيض) !! ما فعله ذلك الخطيب يفعله الان العديد من محطات التلفزة العربية.. ففي ظل العدوان الغاشم على غزة يعرض بعض الفضائيات برنامجا صحيا عن تكبير (الشلاطيف) ومخاطرها.. وكان ما يقلق الامة الان هو تكبير (الشلاطيف) وليس تكبير ما تفعله المقاومة لبث الرعب في قلوب العدو.. وتعرض أخرى برنامجا عن الطبخ وموضوع الحلقة عن طريقة تحضير (البابا غنوج) .. وكأن (البابا غنوج) هو ما سنرعب به اعداء الله والأمة ونُنسي الصهاينة أسماء أمهاتهم.. واخرى تعرض برنامجا عن اهل الذكر وموضوع الحلقة في هذا الوقت العصيب عن (صلة الارحام).. المقاومة في معركة الحق والباطل والكل يتسابق هناك الى الشهادة لاعلاء كلمة الامة، ومشايخنا يحدثوننا عن (صلة الارحام) عوضا عن حديثهم عن منزلة الشهادة وقدسيتها.. واخرى..
تعرض برنامجا للكاميرا الخفية فيعملها نصف اللي أكلوا المقلب على أنفسهم في اشارة الى العدو الصهيوني بما نملك من رباطة الجأش.. اما اخرى فقد رأت أن مسلسل (سرايا عابدين) هو ما يناسب الحدث ليرى العدو اننا (نسونجية) أبا عن جد.. ولسنا مقاومين أبا عن جد.. فقد لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة من محطات التلفزة العربية هي من واكبت الحدث وشاركت في النصر، اما البقية كأن الامر لا يعنيهم !!
حتى أحاديث المسؤولين العرب في هذا الوقت العصيب لا تختلف عما تحدث به الخطيب.. فذلك يحدثنا انه لا يستطيع الاستمرار بدعم (العلف).. والتاريخ الان يسجل من يدعم المقاومة الباسلة وليس من يدعم (العلف).. واخر يعرب عن شكره وتقديره للمشاركين في مؤتمر (تنظيم النسل).. والتاريخ لا يسجل الان الا من ينجبوا الابطال والمقاومين.
في أمتي من يحاول اقناعنا ان (النصر) مش لأشكالنا !!
(العرب اليوم)