كأنني أكلت .. كأنني جاهدت
ظاهر احمد عمرو
12-08-2014 06:43 PM
أعجبتني رواية حقيقيه عن قصة مسجد بني في اسطنبول بتركيا، في منطقة الفاتح وهو من المساجد الأثرية العريقة ،وأطلق عليه إسم " كأنني أكلت " .
تدور الحكاية عن رجل يدعى خير الدين أفندي، و لم يكن هذا الرجل من طبقة العلماء أو الدعاة، وإنما كان رجلاً عادياً متديا بالفطرة ، وكان يحب الخير ، وطموحه أن يبني مسجدا و لكنه لم يكن غنيا .
لم ييأس الرجل أو يتكاسل عن تنفيذ طموحه.. بل كان يخرج إلى السوق فإذا نظر إلى فاكهة واشتهاها، أخرج من جيبه مالاً، ووضعه في صندوق في يده، وقال: كأنني أكلت!وإذا مر بجزار ورأى اللحم واشتهاه ،أخرج من جيبه مالاً و وضعه في الصندوق الذي في يده، وقال: كأنني أكلت!
ظل هكذا يضع في هذا الصندوق ويقول: كأنني أكلت..وما تضوَّر جوعًا ولا مات فقرًا..حتى جاء يوم.. فتَح الصندوق، ليجد أن تكلفة بناء المسجد قد اكتملت..
بنى مسجدًا صغيرًا في محلته.. ومات هذا الرجل الصالح حامدًا ربه على أن وفقه لهذه الطاعة..
كان أهل الحي على علم بقصة هذا الرجل الصالح.. وكانوا يعرفون قصة السوق وقصة (كأنني أكلت) فسموا المسجد: (كأنني أكلت) أو (صانكي يدم) بالتركية .
حاولت الإستفادة من هذه القصة التي فيها عبره عظيمة، بأن نقلد هذا الرجل المحترم تحت اسم " كأنني جاهدت " و نخصص صندوقا يلزم بأي مناسبة طارئة للجهاد بالمال ،مثلما هو حاصل الآن في غزة، أو جهادا في محاربة الفقر في هذا الوطن، أو جهادا في مساعدة أبنائنا في التعليم، أو جهادا في أي عمل فيه مصلحة الأنسان عند ربه سبحانه و تعالى، و راحة نفسيه في هذه الحياة لأن العطاء و حب الخير يريح الإنسان و يحسن من نفسيته ،و هو رصيد لآخرته عندما يلاقي ربه لأن هذه الملاقاة هي الواقع الحتمي الذي لا مفر منه ،ولا مناص إن كان عاجلا أو آجلاً.
هذه القصة و هذه العبره هي من مكرمات غزة التي جعلتني أحضر صندوقا خشبياً صغيرا ،وكتبت عليه " كأنني جاهدت " .. ووضعت فيه أول عشرين دينارا بدلا من وجبة دسمة كنت أرغب بتناولها ، و هذا يعني أنه بشئ بسيط و على مر الزمن تستطيع أن تكون مجاهدا في مالك.