ثروات الاغنياء وظهور الفقراء ..
ماهر ابو طير
08-03-2007 02:00 AM
الثراء الفاحش الذي يمتاز به المسؤولون السابقون لدينا وبعض المسؤولين الحاليين،لااحد يعرف سببه،ولااحد يتحدث عنه،الا بأعتباره حالة طبيعية ،لااحد يتحدث عن اسبابها واسرارها،بل يتم التشاطر دائما على فقراء الاردنيين بالحديث عن رشوة تلقاها موظف قيمتها مائة دينار،او قصص من هذا القبيل.
غالبية المسؤولين لدينا ،العاملين والمتقاعدين،يتمتعون بوجود ثروات مالية لديهم،لن نجد لها اصلا ،بمعنى انهم لم يرثوها عن الاباء والاجداد،اذ اننا نفهم ان بعضهم ورث المال والثراء عن اهله،على شكل مبالغ مالية او عقارات او اراض،وهذا من فضل الله على الناس،غير اننا عندما نتحدث عن مكافحة الفساد،يتوجب ان لانقف عند حدود اعتبار المال الموجود بأيدي كثيرين هو تحصيل حاصل كما يقولون،بل يتوجب ان يتم سؤال البعض عن ثروته كيف جمعها،اذا كان مجموع رواتبه كلها ومياوماته ايضا،لايشتري له شقة في عمان،هذا اذا افترضنا ان البعض لايأكل ولايشرب،ولاينفق على بيته واولاده،واذا عدنا الى عشرات الاسماء لوجدنا ان ثرواتهم هي بالملايين دون تفسير واضح لمصدرها.
تجميع الثروات بهذا الشكل داخل الاردن وخارجه في استثمارات وحسابات سرية وادارتها عبر عرب واجانب بعيدا عن الاعين،لايعفي هؤلاء من المساءلة اذا كانت النية حقيقية لمكافحة الفساد من جانب كل الحكومات،بدلا من انتاج قوانين وهيئات بلا روح او مضمون،وبلا صلاحيات حقيقية،اذ ان روح مكافحة الفساد تقوم على اساس ليس معرفة مقدار الثروة التي بيد هذا او ذاك،بل معرفة ثروته خارج الاردن وداخله وتقديم تبرير واضح عن كيفية جمعها وتراكمها بهذا الشكل،فيما لايجد الاردني احيانا قيمة رسوم ابنه في المدرسة.
جمع الثروة بطريقة محرمة دينا واخلاقا،تتم عادة عبر عدة وسائل،فالجامع هنا اما دخل في عطاءات في الباطن عبر اسماء وشركاء اخرين،واما استفاد من موقعه لتأسيس علاقات مالية استفاد منها لاحقا،واما عبر الاختلاس المباشر،واما عبر بدائل اخرى عديدة،وكما اسلفت فالمرء يفهم الثراء اذا كان له اصل عبر الاباء والاجداد،اما الثراء بعد فقر،والاقامة في الفلل والقصور ،وامتلاك المزارع،والشقق داخل الاردن او خارجه،وتعليم الاولاد بمبالغ مالية تصل احيانا الى مئات الاف الدولارات،فهذا كله ليس من عرق الجبين على حد علمي.
من حق الاردنيين ان يعيشوا بكرامة في بلدهم،ومن حقهم ايضا ان يعرفوا لماذا اصبحوا فقراء ،واصبح غيرهم ثريا دون سبب واضح،بل ان هذا الثراء سببه ركوب هؤلاء على ظهور الناس باعتبارهم نخبة يتوجب ان نضحي لاجلهم حماهم الله من حسدنا كأردنيين،بل قد يكون الفقراء مقصرين مع الاغنياء حين لم يتنازل المواطن الفقير ايضا عن شعر ابنته الجميلة او ذكاء ابنه في المدرسه لصالح ابناء هؤلاء.
اعتقد جازما ان فتح ملف الفساد لايكون فقط بتقديم اقرار حول ممتلكات كل شخص ،بل يتوجب تقديم اقرار حول الممتلكات داخل الاردن وخارجه ،والاموال والاسهم،وتبرير مصدرها وحجمها،وان تستعين ايضا الجهات المسؤولة بوكالات التحقيق الدولية القادرة على تقديم معلومات حول ما لدى بعض الاردنيين من اموال مخفية في الغيم ،خارج حدود هذا البيت الاردني الذي له رب يحميه...