يحار الإنسان في حالة التراخي التي تعيشها الحكومة في ظل تزايد نسبة الجريمة في السنوات الأخيرة في الأردن إذ أن الأمر بات مقلقا يتطلب من المؤسسات المعنية اتخاذ إجراءات حازمة لمواجهته.
فالقتل بدم بارد، ولأسباب بسيطة سواء في الجريمة العائلية أو غيرها أصبح ظاهرة ملحوظة، فلا يكاد يمر يوم دون سماع خبر من أخبارها المقيتة، وقد نسمع عن غير جريمة في اليوم الواحد، فعندما نفرح نقتل، وعندما نغضب نقتل، وفي مواقف الغيرة، وفي المشاجرات العائلية والعشائرية، وفي مشاجرات الأطفال، وفي الأسواق، وعلى الإشارات الضوئية، والملاهي الليلية ومواقف الباصات...
نقتل في الصباح الباكر، وفي وضح النهار، وفي المساء، وفي وأواخر الليل...بل في كل وقت، كل ذلك دون أن نسمع عن خطوات عملية من الحكومة لوضع حلول حازمة إزاء كل هذا!
أحد أهم أسباب الجريمة المهمة تراجع هيبة الدولة، وتصاغر الآخر أمام الأنا المنفلتة، والشعور السلبي تجاه كل شيء الذي بات يسيطر على المجتمعات العربية بشكل عام للظروف التي تعيشها، إضافة إلى الاستهتار بحياة الإنسان في ظل ما يحدث في محيطنا الملتهب من قتل وتنكيل أمام ناظري المشاهد للتلفاز يوميا.
إضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن إذ وصلت نسبة الفقر إلى حد الخطر في ظل طبقية واسعة، وهو في تزايد مستمر لاسيما في ظل ارتفاع نسبة البطالة وانتشار الفساد، وسهولة تداول أخباره .
.
وهناك ارتباط واضح ووثيق بين البطالة وتزايد الجريمة إذ أكدّ التقرير الإحصائي السنوي الصادر عن دائرة المعلومات الجنائية في الأردن أن العاطلين عن العمل ارتكبوا في عام 2013 ما مجموعه 3559 جريمة جنائية بزيادة نسبتها 17,85 بالمئة مقارنة بعام 2012، وارتكبوا أيضا2351 جنحة بزيادة نسبتها 16.6 مقارنة بالعام السابق.
إضافة إلى تآكل الطبقة الوسطى، بل تلاشيها، وتراجع منظومة القيم، كل هذه يمكن أن تكون وراء زيادة نسبة الجريمة في الأردن.
ومن أسباب تزايدها أيضا الازدحام غير المسبوق في الشوارع والأمكنة العامة دون مواكبة الخدمات المقدمة للمواطن لهذا الازدحام؛ مما أوجد حالة من النزق والتوتر الاجتماعي بات ملحوظا.
وكذلك انتشار السلاح بين أيدي الناس لاسيما ما يعرف بالمبشكن، وسهولة الحصول عليه لاسيما من الدول المجاورة حيث الفوضى، وتهريب الأسلحة والمتاجرة بها أصبحت منتشرة بصورة كبيرة نتيجة لنشاط تجارة الأسلحة في السنوات الأخيرة، وكثر اقتناء المواطنين لها، وانتشار الجريمة يشير إلى سوء استخدامها، بل وعشوائية هذا الاستخدام من قبل كثيرين.
ولا يكتوى بنيران العنف والجريمة أسريا واجتماعيا فحسب، فكلفتهما المالية العالية عبء على موارد الدولة، وإشغال للأجهزة الأمنية في ظل تزايد القلق على الحدود، وضغط على القطاع الصحي المزدحم أصلا....
لقد سمعنا أن هناك قرارا سياسيا باجتثاث بؤر الأسلحة، وأن الحكومة جادة في اتخاذ قرار لجمعها، أو ضبط غير المرخص منها، وهللنا لذاك الخبر، ولكن لم نر تطبيقا لهذا القرار بعد.
إن جمع الأسلحة غير المرخصة من المواطنين، وسن التشريعات الصارمة لاقتنائها وحالات استخدامها، وتغليظ العقوبات على مرتكبي الجرائم بات واجبا حتميا للحد من ازدياد الجريمة العشوائية أو المنظمة.