ملف الإخوان .. كل الخيارات مطروحة
سميح المعايطة
12-08-2014 05:04 AM
ما يجري من تعامل وتصعيد اخواني تجاه الدولة في هذه المرحلة بعيدنا الى المرحلة التي سبقت عام 2011 ثم مرحلة الحراك، فالجماعة عندما شعرت بتزايد نفوذها من خلال تحالفها مع قطر وتركيا وتوليها حكم مصر مارست الاستقواء على الدولة الاردنية، واصبحت تعمل لتغيير بنية النظام السياسي في بلادنا من خلال الاصرار على تعديل الدستور والمس بصلاحيات جلالة الملك، ورفضت الجماعة كل شيء، وتعاملت بفوقية مع الدولة، وكانت تعتقد ان عدم مشاركتها في الانتخابات النيابية سيجبر الدولة على تأجيل الانتخابات، لكن حزم الدولة كان واضحا، واصرار جلالة الملك على اجراء الانتخابات في موعدها كان رسالة قوية بأن الدولة لا تخضع للضغوط والابتزاز من فئة.
وعندما انهار حكم الاخوان في مصر، واصبحت الجماعة محظورة في مصر والسعودية والامارات، ولم يتحقق حلم الجماعة بحكم سوريا بعدما انقلبوا على النظام السوري الذي كانوا يصفونه بقلعة الصمود وداعم المقاومة، عندها تخلت الجماعه عن روح الفوقية والاستعلاء وبدأنا نسمع ( كلاما ناعما) وحديثا عن الحوار وغيره ، وربما اعتقد البعض ان هذا مراجعة لمرحلة سبقت، والبعض رأه خوفا من الاخوان ان يتعرضوا لما تعرضت له الجماعة في دول الاقليم.
لكن حالة ( الاعتدال !! ) لم تأخذ وقتا طويلا، فجاء العدوان على غزة لتعود الجماعة الى الفوقية والاستعلاء على الدولة، وكأن من قدموا ارواحهم من ابناء غزة فعلوا هذا من اجل هذا، وعدنا نسمع الخطاب الفوقي، وحالة الجحود تجاه الأردن، فالأردن وقيادته بنظر الاخوان لم يفعلوا شيئا لمساندة الاشقاء، فكانت الاشادة بقطر وتركيا وكأن جيوش البلدين تقاتل في غزة، وهما دولتان تمارسان علاقة قوية مع اسرائيل، والاشادة بقناة تلفزيونية قابله حجود لكل ما قام به الأردن، دون ان يسأل هؤلاء انفسهم عما قدموا لغزة سوى ما يقدمه أي مواطن، فكلنا ضد العدوان ومع اهلنا هناك.
يضاف الى هذا، اللغة الاستعلائية في الحديث عن الدولة الأردنية واستخدام مصطلح «النظام الاردني»، وهو امر قد يكون مفاجئا للبعض لكنه متوقع، لان الجماعة اصبحت معلومة ففي حالة الضعف تعود للحديث الناعم، وعندما تشعر ببعض القوة تعود للتعامل الفوقي ليس مع الحكومة بل مع الدولة الأردنية.
هي مصداقية الاداء والخطاب التي اثبتت السنوات الاخيرة انها تلاشت، وهي الانحيازات لمحور وحلف لم يعلن نفسه انه سيخوض حربا ضد اسرائيل بل هو الاكثر قربا لها، كما ان الجماعة نفسها وعندما حكمت مصر عاما كاملا لم تطرد سفير اسرائيل من القاهره ولم تفتح الحدود، ولم تعلن الجهاد، بل حافظت على كامب ديفيد وارسلت سفيرا جديدا الى تل ابيب.
ربما يغيب عن قادة الجماعة ان تكرار التجارب السلبية يؤكد القناعة لدى اصحاب القرار بان الجماعة ما زالت تبحث عن الفرص لتغيير بنية النظام السياسي الأردني، وكلما شعرت ببعض النفوذ كان الاستقواء والفوقية، وهذه قناعة قد تفتح الابواب أمام اصحاب القرار للتفكير جديا بمراجعة نهج ادارة العلاقة مع الجماعة، فاذا كانت الجماعة لم تترك فرصة في التأكيد على تغيير نهجا فان الدولة تملك القدرة على مراجعة مسار هذه العلاقة، وليس هناك من مبرر لاستمرار النهج القائم مع جماعة تمارس الاعتدال الشكلي وبسبب ضعفها وليس لقناعة، فكل الخيارات على طاولة الدراسة والبحث الذي لا يحتاج لوقت طويل.
(الرأي)