القناة التلفزيونية الثالثة .. قرار جريء!(2)
د.عبدالله القضاة
11-08-2014 01:31 PM
تحدثنا في المقال السابق عن أهمية استحداث ادارة القناة الثالثة في الهيكل التنظيمي في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون لتعمل على معالجة القضايا المحلية والعربية من خلال بث نشرات الاخبار والبرامج الحوارية الهادفة التي تتناسب وطبيعة التطورات السياسية في المنطقة ، وتلبي التوجه الاصلاحي في الدولة ؛ والذي يشكل الخطاب الاعلامي العصري أحد دعاماته الأساسية .
ونعتقد أن من متطلبات نجاح هذه القناة التزام الحكومة ودعمها لتبني إستراتيجية واعدة وبالتشارك مع الكفاءات الوطنية المعنية لتحديد رؤية ورسالة وأهداف هذه القناة على المدى المتوسط والبعيد وبما ينسجم والرؤية الملكية للإصلاح الديمقراطي والإعلامي مسترشدين بالمحاور التقدمية التي تضمنتها الاوراق النقاشية التي قدمها جلالة الملك ، إضافة الى إيجاد بناء تنظيمي مرن يخدم الإستراتيجية المقترحة وما يلحق به من إجراءات وآليات عمل تضمن نجاح هذه المؤسسة الواعدة .
كما أن من بين الركائز الرئيسة التي يتوجب على القناة تبنيها منهجية علمية لجذب الكفاءات الوطنية وخاصة ؛ المهاجرة منها ؛ لتنطلق بشكل قوي وفريد منذ البداية ؛ من خلال ضمان وجود العدد الصحيح من الموظفين ذوي المهارات المطلوبة وفي الوظائف المناسبة لتأدية مهامهم بجودة عالية ووفق أفضل المعايير الدولية.
وقد يتساءل البعض : من أين سيتم استقطاب الكفاءات البشرية لتشغيل هذه القناة ؟!، وهل ستعتمد إدارتها على تطبيق مبادئ الجدارة والاستحقاق وتكافؤ الفرص ، أم ستستجيب للضغوطات النيابية والشعبية لملء شواغرها كيفما اتفق ؟! ، وهل سيؤثر أي من النمطين على مستقبل هذه القناة وميزتها التنافسية ؟!.
يرى "جاك ولش " ؛ صاحب الوصفات الأربع للقيادة ؛ أن أذكى المديرين في العالم يعيِّنون أذكى الموظفين في العالم ، ولهذا تحولت شركة "جنرال إلكتريك " في ظل قيادته من مجرد كيان صناعي عملاق إلى واحدة من أكثر مؤسسات العالم نشاطًا وتجددًا ، لأن التغيير الجريء والتطوير المستمر كانا شعارها ؛ فهل سيلجأ الاستاذ فراس نصير إلى استقطاب أذكى الإعلاميين الأردنيين أم أنه سيخشى أن يصبحوا منافسين له في إدارة القناة وبالتالي نشهد " عودة حليمة لعادتها القديمة " ؟!!.
المطلوب تحديد الاحتياجات البشرية وفقا للطلب الحقيقي ؛ وأن يتم إعداد وصف ومواصفات وظيفية تلبي متطلبات الكفاءة وتحدد الأجور والحوافز والمزايا المقدمة لكل وظيفة ، وأن يصار إلى استهداف الكفاءات الوطنية المهاجرة بغرض استقطابها للعمل في هذه القناة الوطنية ، على أن يصدر قرار حكومي يمنع عملية النقل او الاعارة او الانتداب من القنوات الاخرى اليها ؛ بحيث يتم الاعلان عن الشواغر المحددة بالصحف المحلية ؛ وتعامل كافة الطلبات بمهنية وحيادية ضمن منهجية محددة للاختيار والتعيين بعيدا عن التدخلات والضغوطات السياسية او الاجتماعية .
إن عملية استقطاب الكفاءات وخاصة المهاجرة منها ؛ تشكل مدخلا قويا لبناء مؤسسة قوية ، على أن يرافق ذلك توفير الحوافز الداعمة للأداء المتفوق ، وتدعيم مفاهيم المساءلة والخدمة النوعية. على أن تستند هذه العملية إلى مبدأ الموائمة مابين الميزة والكلفة ؛ والقياس المستمر للنتائج والمقارنات البينية مع المؤسسات الإعلامية الريادية عربيا ودوليا.
وفي الختام نقول ؛ أن تبني مؤسسة فاعلة على أسس إدارية سليمة أفضل بكثير من محاولة ترميم مؤسسة مترهلة ؛ وعلينا أن نبتعد عن الأجندة الشخصية في الحكم على فشل مؤسسة لم تر النور بحجة أن لدينا مؤسسة اخرى غير فاعلة ؛ فلنفترض حسن النية في قراراتنا الوطنية ولو لمرة واحدة ؛ قبل أن نشرع في جلد ذاتنا !!!.