هناك تقليد دأبت عليه المدارس وبعض المؤسسات يتم من خلاله انتخاب الطالب المثالي أو الموظف المثالي، وبالطبع فإن لهذا الانتخاب حزمة من المعايير العلمية والأخلاقية، لكن ما من اختبار أجري حتى الآن للعربي المثالي، والذي يستحق أن يكون النموذج، لكننا إذا احتكمنا إلى القرائن والسائد في الواقع نستطيع أن نحزر مواصفات هذا العربي، والمطلوب بإلحاح لنيل الجائزة.
وبالنسبة لإسرائيل فالأمر محسوم لأن العربي المثالي هو العربي الميت، وإذا كان على قيد الحياة فيجب أن تتوافر فيه صفات منها:
أولاً: جفاف قناة الدمع ليس بسبب الإفراط في البكاء، بل لأن هذه القناة أو الغدة أصبحت أشبه بالزائدة الدودية التي لا يعالج التهابها إلا بالاستئصال.
ثانياً: الانكفاء داخل شرنقة الذات واعتبارها محور الكون ومركز الوجود وأن الشمس تشرق لأجلها فقط والمطر يتساقط لكي تجرب تماسك مظلتها أو لغسل اليدين مما علق بهما من قذارة، سواء تعلقت بالسياسة أو الفساد أو الوشاية بذوي القربى مقابل مكافأة يعف عنها كلب جائع!
ثالثاً: التعامل مع الوطن على أنه مساحة من الأرض تكفي للسكن بحيث تكون الحدود الإقليمية للبلاد هي جدران هذا المسكن.
رابعاً: تصنيع مهود للأطفال على شكل توابيت صغيرة لعدم القدرة على حمايتهم من الذبح.
خامساً: التجشؤ بعد التخمة ثم مشاهدة فيلم تسجيلي عن جياع الصومال الذين كانت آخر وجبة بالنسبة إليهم أسمالهم أو ما كان يغطي عوراتهم قبل أن يتحولوا إلى هياكل عظمية.
سادساً: الشعور بالملل خلال يومين أو ثلاثة يتوقف فيها العدوان سواء على العراق خلال تدميره واحتلاله من أجل تحريره.... أو خلال تدمير غزة، فالمطلوب كي يكون المسلسل درامياً وساخناً استشهاد خمسة عشر طفلاً وعشر نساء كحد أدنى وقصف سبعة بيوت على الأقل.
فمن يأكل الفراغ لياليهم الطويلة ولا يعرفون القراءة أو الإصغاء إلى الموسيقى أو حتى الحوار يحتاجون إلى مشاهد أكشن عنيفة يشعرون بعدها بالراحة ويتنفسون الصعداء لأن من مات هو غيرهم ومن أحرق حياً ليس ابنهم والبيت الذي تحول إلى طلل ليس بيتهم.
هذا هو العربي المثالي المطلوب في زمن الشكوى من سعر الرغيف والدواء وقسط المدرسة والاستدانة من أجل الثرثرة بالموبايل أو شراء جهاز لاستقبال المونديال!!
(الدستور)