لماذا استهداف «المنظمة» الآن؟!
صالح القلاب
10-08-2014 04:33 AM
هناك استهداف واضح لمنظمة التحرير الفلسطينية ولرئيسها ورئيس السلطة الوطنية محمود عباس (أبو مازن) وذلك مع أن المفترض أن تتعزز وحدة الفلسطينيين وهم يتعرضون لهذا العدوان الغاشم وإن المفترض أن يتجنب الجميع المناكفات الفصائلية وأن ينْصبَّ الجهد في إتجاه واحد وهو ألاَّ تذهب الدماء الزكية التي نزفت في هذه الحرب هدراً وعبثاً كما ذهبت الدماء التي نزفت من أبناء غزة ،أبناء الشعب الفلسطيني، في حربي «القطاع» السابقتين بدون تحقيق أي إنجاز فعلي وحقيقي بالنسبة للهدف المرحلي الذي هو ضمان إنسحاب الإسرائيليين من كل الأراضي التي أحتلت في عام 1967 وإقامة الدولة المستقلة المنشودة على هذه الأراضي وعاصمتها القدس الشرقية.
لا يهم إسرائيل أن يكون ثمن كل هذه الدماء الغزيرة التي نزفت من أبناء غزة ،أبناء الشعب الفلسطيني، فتْحُ معبر «رفح» وفتْح كل المعابر وأيضاً «الإفراج» عن مطار «القطاع» المهدم ومينائه المعطل.. إن ما يهمها في حقيقة الأمر هو ألاَّ تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة المنشودة وألاَّ تنسحب هي من الضفة الغربية.. ومن القدس الشرقية تحديداً وألاَّ يكون هناك كيان فلسطيني واحد في غزة والضفة ولذلك فإنها تبدي كل الممانعة تجاه المطالب التي يطالب المفاوضون الفلسطينيون المتمترسون في القاهرة لتجعل قضية الفلسطينيين هي هذه المطالب ولتبعدهم وتبعد أنظار العالم عن الهدف الرئيسي الذي شن بنيامين نتنياهو هذه الحرب المدمرة من أجله وهو هدف إقامة الدولة المستقلة.
والمفترض أن التنظيمات الفلسطينية التي لا تزال خارج إطار منظمة التحرير تعرف وتدرك أنَّ إنسحاب الإسرائيليين من «القطاع» عام 2005 وإن ترحيبهم بإنقلاب «حماس» عام 2007 ورفضهم للحكومة المشتركة التي كان رئيسها إسماعيل هنية قبل هذا الإنقلاب ،الذي يعتبر أكبر نقطة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني، وأن مقاومتهم ،أي الإسرائيليين، لخطوة الوحدة الوطنية الأخيرة كان من أجل حصر خيار الدولة المستقلة المنشودة بقطاع غزة.. وحقيقة إن كل هذا الذي نراه ،وبخاصة الهجوم الكاسح على منظمة التحرير وعلى رئيسها محمود عباس (أبو مازن) يثير المخاوف من أن يتقزم هدف إقامة هذه الدولة في النهاية ليقتصر على «القطاع» وحده.
والمستغرب هنا أن حركة «حماس» التي تأسست في عام 1987 وبقيت إن ليس تمتنع فـ»تتملص» من الإنضواء في إطار منظمة التحرير رغم كل الحوارات التي جرت بين قادتها وزعمائها وبين ياسر عرفات (أبو عمار) ،رحمه الله، ولاحقاً بعد استشهاده بين هؤلاء ومحمود عباس (أبو مازن) ورغم كل الإتفاقيات التي جرى توقيعها ومن بينها إتفاقية مكة المكرمة عام 2007 التي سبق إنهيارها ،قبل جفاف الحبر الذي كُتبت به، إنقلاب عام 2007 الذي أخطر ما يمكن أنْ يترتب عليه هو قيام دولة في غزة مقابل دولة الضفة الغربية.
وللعلم فإن الهدف الرئيسي للغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 وحصار الجزء الغربي من العاصمة اللبنانية بيروت ،التي لا تزيد مساحته عن ثلاثة كيلو مترات مربعة، لنحو ثلاثة شهور هو القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية والتخلص من الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والمفترض أنه معروف أنَّ تلك الفترة قد شهدت توجهاً دولياً حقيقياً لحل قضية فلسطين على أساس حق «تقرير المصير» على طريق وفي اتجاه إقامة الدولة المستقلة المنشودة.
ولهذا فإن من حقِّ كل مخلصٍ فعلي لقضية فلسطين أن تساوره المخاوف وأيضاً الشكوك عندما يرى كل هذا الإستهداف للأطر الشرعية الفلسطينية ولمنظمة التحرير المعترف بها فلسطينياً وعربياً ودولياً كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني والأخطر أن هذا كله يتم بالإستناد إلى حرب غزة الثالثة التي من المفترض أن توحد كل القوى والتنظيمات الفلسطينية حتى على أرضية الحد الأدنى فالله جل َّ شأنه يقول في كتابه الكريم :»ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.. واصبروا إن الله مع الصابرين».
(الرأي)