حكومة .. وشعب !!!
المهندس هاشم نايل المجالي
09-08-2014 02:13 PM
لقد بصرنا الله لكيفية ان نحيا فكل منا يعيش حياته حسب مفهومه والطريقة التي تناسبه وهذه المفاهيم والرؤى تندرج تحت مقياس نسبي لا يتطابق عند كل الناس فهناك من يتقاربون في الافكار ولكن يوجد تباين كبير بينهما في الممارسة والتطبيق فهذه الحياة تفرض علينا اسلوباً في التعامل في كافة مناحي الحياة وباختلاف هذا الاسلوب تختلف ردة الفعل من شخص لاخر .
فإذا اخذنا شريحة الاسرة مثلاً وتطرقنا لردود الافعال والممارسات المختلفة بينهم في حل المشاكل التي تواجههم يومياً فنجد ان هناك من يحل مشاكله بالصراخ والعصبية ورفع الصوت عالياً مع سيل من الشتائم كل طرف للآخر وهناك من يطلب تدخل اطراف خارجية وآخرون يعبرون بالبكاء مما يدل على الانهيار والانهزام اما أقسى انواع التعبير عن الغضب وحدة النقاش فهو ذلك الذي يلزم صاحبه الصمت المطبق فيبقى يتلقى الاهانات والاتهامات والشتائم والاساءات والممارسات المغلوطة والظلم ويكون عنوانه الصمت فالصمت انواع فهناك الصمت الاخرس حيث لا تفهم ما يريده او يعنيه صاحبه اذ لا تستطيع قراءة تعابير ومضامين وجهه او عيونه وهناك الصمت الاجوف وهو لا يعني شيئاً وغالباً ما يكون صاحبه لا يحس بأي نوع من المعاناة وربما انه يجهل حجم ونوع المشكلة الاساسية حيث ينطبق عليه القول " وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم " .
وهناك الصمت السالب بمعنى ان صاحبه يدرك مسبقاً نتائج ما يتمخص عنه الحديث مع الاطراف الاخرى فتراه يلتزم الصمت رغم ان لديه شيء يريد ان يقوله او ان يعبر عنه .
اما الصمت الناطق فهذا لا يمارسه الا اصحاب الاحاسيس المرهفه حيث نجد ان تفاعل الشخص معها بكل خلاياه العصبية والبصرية والسمعية اذ تكون كلها في اقصى حالات التحفيز لاستقبال كل ما يجرحه ويمس احساسه ومشاعره في كل شؤون حياته وبالرغم من ذلك كله عندما تنظر لذلك الشخص تقرأ في عينيه كل آيات الحرقة والالم وتتحجر الدموع في مآقيه وتجده ينزوي داخل ذاته ويمارس عذاب النفس لا يتكلم وهذه الشريحة تعذب نفسها ولا تستطيع ان تعبر للطرف الآخر عن وجهة نظرها المغايرة حيث تجد ان للطرف الاخر طريقة تفكير واسلوب تعامل خاص به ومنهج يتعامل فيه مغاير ومخالف لمنهجهم الذي اعتادوا على غيره فهم يواجهون اسلوب وطريقة بالتعامل تجرحهم ويشعرون بالتطنيش والتهميش فلم يعد لهم أي دور رئيسي او فعال واختصرت الادوار على فئة محدودة ان من يمارس الصمت الناطق يكون لديهم اسلوب راقي في التعامل ينأى بهم عن التعامل بإساءة مع الطرف الاخر او باسلوب اخر مضر او سلبي او اسلوب العنف فصاحب القرار بطبيعته ملهم يخترق بواطن الروح ويستبق العقل عن اللسان ويعرف ما ترمي اليه نظراتهم العميقة المتعبة بكل رقة صامتة فالنظرات مرآة لمن يفهمها والمفتاح للغرفة الداخلية للنفس ونجد هؤلاء الاشخاص بصمتهم ذلك مغتربين وجدانياً في مجتمعهم ووطنهم فما أقساها من أحكام تصدر جزافاً بحقهم فهناك من يعتبرهم او يتهمهم انهم معارضون او مناكفون او مشاكسون او ان لهم انتماءات اخرى وان هناك من يحركهم علماً بأنهم اوفياء ومخلصين ولا يعرفون الا لغة الولاء والانتماء .
لكن الممارسات التي تمارس عليهم وبحقهم وبتهميشهم تجرح احاسيسهم وكبرياءهم فلم يعد لهم أي دور ولم يبقى لهم أي خيار عما يجري من ممارسات داخل المجتمع او الوطن بالاضافة ان سبل العيش الكريم قد ضاقت بهم وضيقت عليهم قنوات الحوار المتبادل مع المسؤولين اصحاب القرار فالابواب باتت مغلقة الا لمن هو من ضمن فريق الشلة والمحسوبية او النسب او الحسب لكبار المسؤولين ليختزل الشعب كله عبر هؤلاء الاشخاص فلقد اصبحوا يمثلون الشعب فما كان لهذا الشعب سوى الصمت الناطق فإلى متى سيبقى الحال كما هو الحال عليه وما هو انعكاساته على المدى البعيد ولماذا لا تفتح البوابات وتغلق على من يسيء ويستغل ويسمسر .
حمى الله هذا الوطن .