أولا نشد على يدي الدكتور محمد ذنيبات وزير التربية والتعليم، هذا الرجل الأردني الذي ترجم انتماءه للوطن بالعمل الحقيقي ولم يطأطئ رأسه ليستمر الغش في امتحان التوجيهي المهم جدا، وبالتالي ينعكس ذلك على سمعة التعليم في الأردن .
بعد سيطرة أجهزة وزارة التربية والتعليم ومعها أجهزة وزارة الداخلية على عمليات الغش المبرمجة وظهور نتائج التوجيهي لهذا العام، شعرنا جميعا أن هذه النتائج حقيقية وكل طالب تقدم لهذا الامتحان حصل على العلامات التي يستحقها حتى أن عددا كبيرا من الطلاب الذين كانوا سيتقدمون لهذا الامتحان سواء عن طريق مدارسهم أو بأسلوب الدراسة الخاصة معتمدين على الغش استنكفوا عن التقدم لهذا الامتحان لأنهم تأكدوا أن فرص الغش التي كانوا يعوِّلون عليها انتهت إلى غير رجعة .
في العام الماضي وخلال السنوات السابقة كانت نتائج التوجيهي غير معقولة وغير مقبولة فقد حصل خمسة وعشرون طالبا في العام الماضي على معدل تسعة وتسعين بالمئة فما فوق، بينما حصل على هذا المعدل هذا العام طالب واحد فقط أما الطلاب الذين حصلوا على معدلات فوق الخمسة وتسعين العام الماضي فقد بلغ عددهم حوالي خمسة آلاف طالب وطالبة .
الطلاب الذين كانوا يحصلون على معدلات فلكية في السنوات السابقة عن طريق الغش وهم لا يستحقونها كانوا يحصلون على مقاعد جامعية مرموقة، لكن بعد بدء الدراسة لا يستطيع هؤلاء الاستمرار حيث يرسبون ومن ثم يتركون الدراسة .
أحد المدرسين في احدى الكليات العلمية المهمة في الجامعة الأردنية أبلغني أن أحد طلابه والذي كان معدله في التوجيهي تسعة وتسعين بالمئة كان يخطئ أخطاء املائية فاضحة، وقد كان على سبيل المثال يكتب كلمة ولكن ( ولاكن ) .
هذا نموذج من مئات النماذج عن الطلاب الذين كانوا يحصلون على معدلات فلكية في امتحان التوجيهي عن طريق الغش .
لا شك أن وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات بذل هذا العام جهودا خارقة وغير عادية لكي يعيد امتحان التوجيهي إلى مساقه الحقيقي، وكانت ارادته إرادة حديدية فلم تنل من معنوياته كل الأصوات النشاز وظل مصرا على أن ينتهي الغش مهما كان الثمن، وقد استطاع أن يحقق نتائج باهرة وها هم الأردنيون جميعا -دون استثناء- يجمعون على أن ما فعله الوزير كان يجب فعله منذ سنوات طويلة لكن تهاون وزراء التربية والتعليم السابقين وكذلك مسؤولي الوزارة هو الذي أوصل سمعة امتحان الثانوية إلى الحضيض .
هناك أصوات تدعو إلى محاسبة كل المسؤولين الذين كانت لهم علاقة مباشرة بامتحان التوجيهي في السنوات السابقة سواء أكانوا وزراء تربية أم مسؤولين لأن هذا الامتحان هو امتحان وطن ولا يجوز التلاعب بنتائجه عن طريق الغش وبالتالي الإساءة إلى سمعة التعليم في بلدنا .
مرة أخرى نقول لوزير التربية والتعليم: سلمت يداك لأنك الابن البار لهذا الوطن الطيب، وبارك الله بكل الأيدي الخيرة المعطاءة التي لم تعتد إلا على العطاء .
(الدستور)