بدأ معالي وزير التربية والتعليم عملية اصلاح شامل في القطاع التعليمي، ومن المتوقع ان تستمر تلك العملية عدة سنوات نظرا لفداحة الأخطاء التي تراكمت خلال الفترة السابقة والتي غض الطرف عنها معظم الوزراء الذين تعاقبوا على ادارة وزارة التربية والتعليم، لا بل أن عددا كبيرا منهم كان سببا في تلك الاخطاء والمصائب التي حلت بالعملية التربوية برمتها والتي لا يمكن وصفها إلا بالجريمة النكراء.

المطلوب اليوم ثورة بيضاء في القطاع التعليمي بكافة فئاته وقطاعاته، وإعطاء وزير التربية مزيدا من الدفع للإصلاح وعدم فرملته من قبل المتنفذين، بحيث لا تقتصر عملية الإصلاح بناء على نتائج الثانوية العامة التي كشفت ثغرات كبيرة وخطيرة في بنية التعليم في الاردن.

وهذا يتطلب تكاتف جميع أطراف المعادلة التي تتشكل منها العملية التعليمية في الاردن بدءاً من الأسرة ثم وزارة التربية مرورا بنقابة المعلمين التي يجب أن تقوم بالمسئوليات الملقاة على عاتقها.

فمنذ نشأة تلك النقابة لم نسمع أو نشعر أنها قدمت مقترحات للنهوض بالعملية التعليمية، وجل همها كان منصبا على تحقيق مكاسب مادية ومعنوية للمعلمين، دون النظر إلى مخرجات العملية التعليمية التي هي أيضا سببا فيها، حيث القصور الواضح في أداء المعلمين، وانصراف اهتمامهم إلى تحقيق مكاسب مادية من طرفي المعادلة الآخرين والمتمثلة بالوزارة عن طريق تحقيق مزيدا من المكتسبات المادية والمعنوية، وأولياء الامور من خلال المدارس الخاصة والمراكز الثقافية.

نحن لسنا ضد تحسين مستوى المعيشة للمعلمين في القطاعين العام والخاص، ونحن مع إعادة الهيبة للمعلم والعملية التعليمية، لكن يجب أن يكون ذلك بالتوازي مع الواجبات الملقاة على عاتقهم أيضا بأداء الرسالة المنوطة بهم وتقديم كل ما لديهم من إمكانات لتخدم العملية التربوية برمتها في كافة المحافظات والالوية.

بالتوازي مع ذلك لابد لوزارة التعليم العالي من أن تخطو خطات واسعة في هذا المجال باعتبار أن مخرجات وزارة التربية والتعليم تشكل مدخلات للتعليم العالي.

ومن هنا لابد لوزارة التعليم العالي من القيام بسن القوانين والتشريعات الناظمة لذلك واضعة نصب عينيها مصلحة الوطن والمواطن قبل أن يكون همها الحفاظ على دخل مناسب للجامعات الحكومية والخاصة.

هذا الأمر يتطلب كخطوة أولى وأساسية بإلغاء كافة المكارم مهما كان مصدرها والإبقاء على التنافس بين الطلبة كأساس وحيد للقبول الجامعي، ثم يأتي بعد ذلك توزيع المكارم من مصادرها المختلفة على الطلاب الذين حصلوا على مقاعد جامعية بناء على معدلاتهم التنافسية وليس بناء على مكرمات وترضيات من هنا وهناك.

ليس من المعقول أو المقبول أبدا أن تجد طلابا في كلية الطب أو الهندسة معدلاتهم في الثانوية العامة أقل من معدلات نظرائهم في كليات أخرى ولكنهم تحصلوا على مقاعدهم نتيجة مكارم من هنا وهناك؟!

أيضا يجب على التعليم العالي التوقف عن فتح التخصصات التي تشبع بها سوق العمل وإعادة النظر في كثير من التخصصات القائمة، كما يجب أن تتم مراقبة مخرجات الجامعات من خلال إمتحان الكفاءة الجامعية بحيث لا تمنح الشهادة الجامعية لمن لا يتجاوز ذلك الإمتحان، واعتقد أن هذا سيؤدي بالجامعات والأساتذة إلى بذل الجهد للإرتقاء بالعملية التعليمية بكافة مستوياتها.

نقطة أخرى أرغب في توجيه وزارة التعليم العالي لها، وهي إصدار التعليمات الصارمة للجامعات الحكومية والخاصة على السواء لإلغاء حفلات التخرج التي تتم في نهاية العام الجامعي والتي تتسبب بأزمات إجتماعية وبيئية متعددة من أهمها الإزدحامات المرورية التي تخنق كافة طرق المملكة وكذلك العنف المجتمعي الذي يصاحب تلك الحفلات.

التعليم اليوم متاح للجميع، ولا عذر لمن يقول بأن هناك مدارس أقل حظاً وأخرى أكثر حظاً، ولا يتحجج أحد بان هناك مدارس لا يوجد بها معلمين حيث لدينا جيش من المعلمين ولكن هناك عزوف من قبل المعلمين عن الإلتحاق بمناطق تعتبر في نظرهم نائية، وهذا يمكن التغلب عليه من خلال تعاون وزارة التربية ونقابة المعلمين بتوفير معلمين من أبناء تلك المنطقة وهم كثر...ولحديث بقية