القناة التلفزيونية الثالثة .. قرار جريء!(1)
د.عبدالله القضاة
07-08-2014 04:50 AM
أن تبني مؤسسة قوية الى جانب الضعيفة هي إستراتيجية علمية للتطوير المؤسسي ، ذلك أن الفجوة في الأداء ستظهر بشكل جلي بين الأثنتين ؛ وهذا مايعطي مبررا كافيا لإنهاء وتمويت المؤسسة الضعيفة بشكل تدريجي termination by starvation ، شريطة أن تتم عملية بناء المؤسسة الجديدة بكفاءة وفاعلية ووفق أفضل المعايير الدولية والمهنية.
يرى كثير من المراقبين والمهتمين بالإعلام الوطني أن التلفزيون الأردني لم يعد قادرا على مواكبة التطور الإعلامي الحديث للعديد من الأسباب ؛ وبالمقابل فإن الدولة الأردنية لاتستطيع إلغاء قنواتها الرسمية والإعتماد على القنوات الخاصة ؛ وحتى لو حققت هذه القنوات حضورا متميزا على الساحة الإعلامية المحلية والعربية ، ذلك أن للدولة رسالة وطنية وخصوصية إعلامية لابد من إعلام رسمي متميز قادر على خدمة هذه الرسالة.
وعليه ؛ تأتي موافقة الحكومة على استحداث ادارة القناة الثالثة في الهيكل التنظيمي في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون لتعمل على معالجة القضايا المحلية والعربية من خلال بث نشرات الاخبار والبرامج الحوارية الهادفة التي تتناسب وطبيعة التطورات السياسية في المنطقة ، منسجمة تماما مع فلسفة التطوير المؤسسي الحديث الذي يعد الدعامة الاساسية لعملية الاصلاح الشامل التي تريدها القيادة الأردنية ومن ضمنها الإصلاح الإعلامي القادر على إيصال رسالة المملكة بحلة عصرية.
وحتى نكون موضوعيين ؛ فهناك مؤشرات إيجابية ؛ تدلل عن توجه لإيجاد قناة وطنية نوعية ، ومن هذه المؤشرات ماورد من نية الى انشاء استديوهات مصممة بتقنيات عالية باستخدام الانظمة الحديثة للارشفة حفاظا على المواد الفلمية من التلف ولمدة طويلة ، كما أن هذه القناة ستعمل بمضمون وشكل جديدين ليتسنى لها منافسة القنوات الفضائية المحلية والعربية وإبراز صورة الأردن المشرقة وايصال رسالة الدولة فيما يتعلق بالشأن المحلي والعربي والعالمي ، والمؤشر الأهم هو الشخص الذي تم اختيارة لقيادة هذه القناة وهو الاستاذ فراس نصير والذي يعد من القامات الوطنية الكفؤة في هذا المجال نظرا لمؤهلاته المتميزة وخبراته النوعية وسيرته العطرة في الوسط الاعلامي المحلي والعربي.
والتساؤل : هل يمكن فعلا ان تنجح هذه القناة في تحقيق الميزة التنافسية على المستوى العربي والدولي ، وماهي متطلبات ذلك ؟!
وقبل الإجابة على تساؤلنا ؛ لابد من الإشارة الى أن معظم المحطات الفضائية العربية التي حققت الريادة على المستوى العربي والدولي يعزى نجاحها بالدرجة الأساسية الى الكفاءات الإعلامية الأردنية المهاجرة ؛ علما أن غالبية هذه الكفاءات كانت تعاني التهميش والإقصاء في قناة الوطن الأم " التلفزيزن الأردني " ، وليس بالضرورة أن بقائها في المهجر يعزى للعامل المالي بالدرجة الأولى ، فلو ضمن غالبيتهم العدالة الوظيفية والمكانة اللائقة لعادوا في جنح الليل لخدمة وطنهم والمساهمة في تطويره.
وعليه ؛ وحتى يكتمل نجاح هذه القناة وتنطلق بشكل قوي ومهني يتطلب من الحكومة دعم وتمكين إدارتها في بناء إستراتيجية واعدة وبالتشارك مع الكفاءات الوطنية المعنية لتحديد رؤية ورسالة وأهداف هذه القناة على المدى المتوسط والبعيد وبما ينسجم والرؤية الملكية للإصلاح الديمقراطي والإعلامي مسترشدين بالمحاور التقدمية التي تضمنتها الاوراق النقاشية التي قدمها جلالة الملك ، إضافة الى إيجاد بناء تنظيمي مرن يخدم الإستراتيجية المقترحة وما يلحق به من إجراءات وآليات عمل تضمن نجاح هذه المؤسسة الواعدة .
وسنتناول في المقال القادم الإستراتيجية التي يمكن أن تأخذ بها هذه القناة لإجتذاب الكفاءات الوطنية المهاجرة لتنطلق بشكل قوي من البداية .