لاننا عرفناكم أهل ذمة وعهد، واول من أنكر الذات، واول من كسر الانانية، واول من حمى الوطن، واول من ردت سيوفهم كيد المعتدي، واول ملتقى الاحرار، واول من أحتضن الدولة، واول من عادت بفضل حناجرهم الدولة.. واول الكاظمين الغيظ، واول العافين عن الناس، واول من قالوا: ياهلا بالضيف من ممشاك الى ملقاك، واول من يقف لكم التاريخ احتراما، واول من وضعوا الاردن في قلوبهم، واول من لم يروا الاردن الا بعيون الصابرين، واول من كانت مضاربهم ملاذا لكل الاردنيين.. واول من كانت فناجينهم فوّاحة بالطيب، وأول من رسموا الوطن وشما على الجبين وبؤبؤا داخل العين.

لأنكم في هذا الوطن كنتم ومازلتم (راعي الأوله).. نسألكم اليوم عن (نارت)، وعن من قتل (نارت)؟! ولماذا قتل (نارت)!!

لاتقولوا: (فئة خارجة على القانون).. فعبر التاريخ لم تخرجوا الا نصرة (للحق)، ولم تخرجوا الا حتى لتعيدوا (الحق)، ولم تخرجوا في يوم من الايام الا وتشبعت ضمائركم بأن لكم (حقا) ..

وان وجدت هذه الفئة بينكم… فان للوطن عليكم (حق)، وللكرامة عليكم (حق)، وللشجاعة عليكم (حق)، وللفزعة عليكم (حق)، ولاهل الاردن عليكم (حق).. ولهذا البطل (نارت) عليكم (حق)..

من يخرّج كل تلك الرجالات، ومن يصنع عبر كل هذا التاريح كل تلك البطولات.. لن يعجز بان يكون له مع الوطن (موقف)، ومع الحق (موقف)، ومع تاريخ أبائكم واجدادكم (موقف).. بأن يتم فورا تسليم تلك الفئة الخارجة على القانون (قربان) محبة لتراب هذا الوطن.. و(قربان) عرفان ليجفف دموع أم نارت، و(قربان) مودة نثبت أن معان هي شريان محبة لا شريان كره وبغضة..

سلموهم .. حتى يشهد التاريخ بان من دخل (معان) فهو (آمن)، ومن دخل بيوت كرامها فهو (آمن)، ومن شرب من مائها فهو امن، ومن شرب قهوة اجاوديها فهو امن .. ومن جاء ليحمي بيوتها فهو آمن، ومن جاء ليخدم اهلها فهو (آمن)، ومن جاء عشقا لاهلها وترابها فهو (آمن) ..

نارت ابن الاردن، وابن الوجع، وابن الصبر، وابن عائلة طيبة، وابن المؤسسة العسكرية، وابن العشرينيات، يحلم مثلكم.. ويتوجع مثلكم.. وينتظر تسعيرة المحروقات مثلكم، وينتظر آخر الشهر مثلكم.. ويشتكي من الفساد مثلكم..

لن نرى (نارت) بعد اليوم.. لكننا قد نرى قتلة (نارت) خلف القضبان.. فنرى معان خلف كل انجاز وخلف كل كرامة وخلف كل شهامة والاهم خلف امه المفجوعة بفقدان هذا الفارس الدركي..

مثلما بكينا على ابنائنا واخواننا واخوتنا ممن فقدانهم في معان فما أصابكم أصابنا.. وما أبكاكم أبكانا.. وما أعياكم أعيانا.. فنحن شركاؤكم في الهم والمعاناة والوجع..

نبكي اليوم على هذا الفارس.. الذي نفقده بين الاهل والاحبة وليس في معركة للدفاع عن ثرى هذا الوطن..
ليكن (نارت).. اوّل من اعاد معان، واخر من نفقدهم على ثرى معان..
سلموهم.. فالاردن يسلم بفزعتكم وشهامتكم ونخوتكم.. ووقوفكم مع الحق.
(العرب اليوم)