تناقلت الصحف الاردنية قبل يومين، نبأين يكشفان عن معلومات تحتاج للتوضيح من ذوي العلاقة ، الاول تصريح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان ، امام رؤساء تحرير الصحف الاردنية ، عن وجود مفاوضات سرية بين حماس واسرائيل ، وان هذه المفاوضات ذات طابع سياسي ، بالاضافة الى وجود شق أمني ، يهدف كما قال الرئيس الفلسطيني ، لحماية قادة حماس من الاغتيال ، والنبأ الثاني حول توسط احد نواب الحركة الاسلامية الاردنية السابقين لدى مساعد محافظ العاصمة ، للافراج عن شخصين ادينا ببيع ثلاثين طنا من اللحوم الفاسدة ، وقبل ذلك باسابيع ، نقلت الانباء عن قيام الحركة الاسلامية في الاردن بدفع قيمة مخالفات السير لمن ارتكبها من الذين شاركوا في مهرجان نصرة غزة ، الذي عقد في عمان ابان العدوان الاسرائيلي الاخيرعلى القطاع .ان صحت هذه الانباء ، فهي ذات مدلولات سلبية ، تؤشر على مواطن الخلل في ممارسات قوى سياسية ، تتناقض كليا مع منطلقاتها العقائدية ، التي توكد فيها صباحا ومساءا ، اهتمامها بقضايا الوطن ، وحرصها على العدالة الاجتماعية فيه ، وتعاطفها مع قضايا الشعب ومعاناته ، وتكشف عن حقيقة التضحية بمصالح وطنية في سبيل المصالح الحزبية ، خاصة عندما يتم ذلك من قبل لون حزبي له ثقله على الساحة الوطنية والاقليمية ، وارتبطت عقيدته السياسية بالعقيدة الدينية ، مما يلزمه بان يكون القدوة والمثل في التزامه بقضايا الوطن .
فحركة حماس ، التي كسبت الانتخابات التشريعية الفلسطينية ، وشكل اعضائها اغلبية المجلس التشريعي ، وشكلت الحكومة الفلسطينية ، نتيجة لثقة من انتخبها بتطابق شعاراتها مع الممارسات ، وتميزت بكونها الرافض للحلول السلمية ، وحملها لشعار الكفاح المسلح لتحرير فلسطين من النهر الى البحر ، وكان تمسكها بهذا الخيار ، سببا في دعم جزء كبير من الشعب الفلسطيني لها ، وسببا في الانقسام الذي يعيشه ذلك الشعب بين حكومة رام الله وحكومة غزة ، وسببا في الانقلاب الدموي الذي جرى في القطاع ، واحتكام رفاق الدرب الى السلاح ، اذا كان هذ السبيل الكفاحي هو المبرر الاوحد لكل ما جرى على الساحة الفلسطينية ، وكان العذر الوحيد لانصار الحركة ، فكيف تتخلى الحركة عن ذلك ، فتلغي مبررات كل الدعم الشعبي الذي نالته بسببه ، بل تلغي مبررات وجودها اصلا ، كشعلة للكفاح في زمن الحلول السلمية ، وبماذا سيتم تبرير هذا الامر"ان صح" ، ام ان التعصب الحزبي سيخلق من المبررات ، ما يعجز المنطق عن استيعابه .
وكيف يقوم نائب اسلامي ، بالتوسط لدى مساعد محافظ العاصمة الاردنية ، للافراج عن شخصين ، دسا السم للشعب الاردني في طعامه ، من خلال بيع ثلاثين طنا من اللحوم الفاسدة ، ألم يسأل النائب نفسه اولا عن عقوبة الشرع لمثل هذه الممارسات ، ثم ألم يسأل نفسه ثانيا عن حجم الاساءة التي تسببها وساطته لمتهمين ، في الاساءة الى الدور الوطني الكبير، الذي يضطلع به حزبه على الساحة الاردنية ، واذا كان هذا النائب قد قام بما قام به ، وهو يمثل المعارضة ، فما عساه سيفعل لو كان حزبه مشاركا في الحكم .
اما النبأ الاقدم ، والمتعلق بقيام الحركة الاسلامية في الاردن ، بدفع قيمة مخالفات السير ، نيابة عمن ارتكبها من الذي شاركوا في مهرجان نصرة غزة ، فهو ان صح ايضا ، يعتبر مضادا لمصلحة الوطن والمواطنين ، الذين ابتلوا بمآسي حوادث الطرق ، التي استنزفت ارواح الابرياء واقتصاد الوطن ، ومضادا للحملة الوطنية التي قادها جلالة الملك ، بعد حادث الباص المشؤوم على طريق جرش ، تلك الحملة التي بدأت ، للحد من هذا النزيف الدامي ، وتشديد العقوبات على المستهترين بارواح المواطنين ، والتي يجب ان تنال رضى وتأييد ومساندة كل القوى الوطنية الفاعلة .
m_nasrawin@yahoo.com