الكراشين على صدور المفاخر نياشين
د.عبدالله القضاة
04-08-2014 04:37 AM
ثمة خصوصية تميز الشعب الأردني بمختلف مكوناته الاجتماعية ، ومن لا يدرك أسرار الخلطة السحرية لمكونات هذه الخصوصية لا يستطيع فك طلاسمها ؛ وبالتالي لا يتمكن من تحليل " شيفرة " الاتصال الاجتماعي مهما كانت قوة التشريعات والإجراءات التي يستخدمها في هذا التواصل !!!.
عندما اندلعت أزمة معان ، اجتهد العديد من مسئولي الدولة الى معالجة النتائج بعيدا عن تشخيص الأسباب وذلك بالاعتماد على الحل الأمني والقانوني ، الأمر الذي أدى إلى تفاقمها و استدامتها ؛ حتى خرجت الأمور عن المألوف وفتحت الأبواب على مصراعيها أمام جهات ظلامية لاستثمار هذه الحالة لخلخلة الأمن الاجتماعي في المحافظة تمهيدا لتقويض الأمن الوطني برمته !!!.
ربما يجهل الكثيرون أن محافظة معان هي أكبر محافظات المملكة مساحة ، وأنها أول منطقة دخلها الإسلام في بلاد الشام ومنها بدأت الثورة العربية الكبرى ، وجعلها الهاشميون موئلاً لقدمهم فقد نزل الأمير عبد الله فيها يوم 11 تشرين الثاني عام 1920 حيث استقبله أشرافها وشيوخها مرحبين مهللين ، ;كما يجهل الكثيرون أن أبناء معان هم أول من أسس في عمان لحياة كريمة في "الهاشمي الشمالي " وساهموا في بناء أول أحياء عمان 1907م في حي المعانية بالمحطة وهم أول من سكن الراجف وعمرها وأعاد لها الحياة عام 1800 م وأول من أسس لحياة في مدينة الزرقاء " عوجان المعاني "عام 1900 م .
وبما أن مدينة معان سجلت صفحات ناصعة في التاريخ خدمة للقضايا الوطنية والقومية ، كان لزاما على الدولة الأردنية ؛ وعلى قاعدة "انزلوا الناس منازلهم " ، الوقوف الى جانب اهالي معان ؛ من خلال سماع صوتهم وتشخيص مشاكلهم ، وإتاحة الفرصة لكافة عشائرهم بانتقاء شيخوخهم ووجهائهم بشكل توافقي من غير " تشييخ " أحدا عليهم بقرار إداري لا يحضى بقبولهم ، وبالتالي إشراكهم ليصبحوا جزءا من حل مشاكلهم ، لا أن تجعلهم في الخندق المقابل !!!.
وعلى الرغم من أن الخطوة جاءت متأخرة ؛ إلا انه يسجل لمجلس النواب الأردني تحركه لحل الأزمة ؛ كما يسجل لعشائر الكراشين تعاونهم مع المجلس لبحث إنهائها على اسس هيبة الدولة وسيادة القانون مع المحافظه على كرامة المواطن وحفظ النظام العام ؛ وقيامهم بتسليم ابنائهم المطلوبين ؛ فبحق ؛ الكراشين على صدور المفاخر نياشين ؛ ونأمل من بقية العشائر ان تحذو حذوهم وتسلم ابناءهم للعدالة وذلك لتفويت الفرصة على المتربصين ؛ ولإيجاد أرضية من الثقة بين اهالي معان وأجهزة الدولة.
ومبادرة المجلس وعشائر الكراشين لابد من ان تجد استجابة سريعة من الحكومة من خلال اتخاذ سلسلة من الإجراءات والقرارات التي تعزز الثقة بين الجميع ، ولعل من بينها اصدار قرار يعلن التزام الحكومة بمتابعة قضايا المطلوبين وضمان محاكمتهم محاكمة عادله تحفظ كرامتهم وتضمن حصولهم على حقوقهم القانونية ، إضافة الى إجراء تغييرات سريعة على المواقع القيادية العاملة داخل محافظة معان والتي يشكل تغييرها مطلبا للأهالي ، وتشكيل مجلس شراكة مؤسسي يجمع ممثلين عن الحكومة ومجلس الأمة وممثلين حقيقيين لعشائر معان ووجهائها ومؤسسات المجتمع المدني فيها تمهيدا لصياغة خطة تنفيذية شاملة لمعالجة كافة مشاكل المحافظة .