بين كر وفر؛ شهيد وقتيل ؛ جريح ومصاب بات المشهد الفلسطيني أكثر وضوحاً في نتائج معركة غزة ، وبعيداً عن التاريخ الإسلامي التليد والحافل بالمعارك البطولية وبين مؤتة واليرموك وحطين وخالد بن الوليد وصلاح الدين بكت العيون قهراً وظلماً تارة وفرحت نفس العيون شرفاً وحمداً تارة أخرى.
بعيداً عن فلسفات اللغة والتنظير؛ التهويل والتمثيل ، التجريح والتشكيك وبين وطني ووطني ؛ قتيل وقتيل ؛ أرض وأرض ؛ معركة ومعركة باتت معركة غزة مفصلية لتفصل بين قتيل وشهيد ؛ أرض مغتصبة وأرض مكتسبة ؛ معركة للحق ومعركة للباطل.
لقد عجت المواقع الالكترونية ؛ الصحافة المحلية والعالمية بصورة لشهيد فلسطيني ولقتيل يهودي ، لصاروخ فلسطيني ولقصف يهودي ، لحي فلسطيني مدمر وبيت يهودي مهدم ، وبين كل هذا وذاك آذان عظيم بغزة وإنذار ذليل بغير غزة. آذان عظيم يذكر بأن هنالك رب لغزة وان رب غزة هو نفسه رب بدر واليرموك وحطين ومؤته.
يدرك رجال الحرب والمعارك أهمية النصر السياسي قبل النصر العسكري فقد حققت إسرائيل وعبر تاريخها إنتصارات سياسية متعددة وما الواقع الذي يعيشه العرب إلا نتاج تلك الإنتصارات التي حققتها إسرائيل عبر خطط وبرامج سياسية محكمة سمحت من خلالها بإختراق الأنظمة الأمنية والعسكرية للعديد من الدول فباتت على مقربة من الحدث وتدير شبكتها العسكرية بإقتدار وحنكة يساعدها في كل ذلك دعم غربي غير محدود.
لقد قدمت غزة درساً في كشف الأقنعة ؛ قدمت نصراً في مفهوم حب الأرض والعرض ؛ قدمت جسداً تزخره الدماء وقدمت روحاً لبارئ السماء وقدمت عقلاً لقارئ الكتاب ، وبين جسد وروح وعقل وبارود وصاروخ مات الضمير عند الكثير من غير أهل غزة فرأى البعض معركة بلا هدف ورآها البعض معركة لأسمى هدف وبين الاول والثاني برهة في التفكير وساعة في التحليل.
أخيراً وليس آخراً فالنصر مفهوم ضيق الأفق في نظر البعض ؛ واسع الأفق في نظر البعض الآخر القليل ، وبين عربي صادق صدوق وآخر كاذب كذوب يطل علينا طفل فلسطيني من بعيد ليذكرنا بقوله عزوجل: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ). صدق الله العظيم . الآية (160)/ سورة آل عمران.